بقلم - عبد اللطيف المناوي
يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية، برئاسة الرئيس جو بايدن، عازمة على شىء ما تفكر فيه هى بخصوص الوضع فى غزة، سواء الحالى أو المستقبلى. تصريحات بايدن السابقة الخاصة بالمساعدات المصرية تشى بذلك، وغيرها من التصريحات الأخرى التى تشير إلى ما ترمى إليه الإدارة، ولكن بالتأكيد لسبب أبعد.
إدارة بايدن خلال اليومين الماضيين تعكف على وضع اللمسات الأخيرة على المكونات الأساسية لخطتها لتثبيت رصيف عائم قبالة ساحل غزة لإرسال شحنات الأغذية وغيرها من المساعدات الإنسانية. ومن المقرر أن تصل أربع سفن للجيش الأمريكى إلى شرق البحر الأبيض المتوسط فى غضون أيام.
الخطة ربما تُرسم ملامحها وسط تصعيد كبير فى المنطقة، وهو ما عبَّر عنه تقرير فى صحيفة «واشنطن بوست»، حيث أكد أن أبرز تحدٍّ لهذه الخطة هو الوضع الأمنى غير المستقر، حيث أثار تعهد إيران بالانتقام من الضربة الإسرائيلية على قنصليتها بدمشق مخاوف من أن الأفراد الأمريكيين فى المنطقة قد يكونون أهدافًا فى إطار عملية الانتقام تلك، رغم النفى الواضح من المسؤولين الأمريكيين بخصوص تورط واشنطن فى الهجوم، لكن طهران تؤكد أن أمريكا هى الداعم الرئيسى لإسرائيل، وأنه يجب محاسبتها، وهذا بالتأكيد يخيف الأمريكان.
الخطة الأمريكية للاستئثار بالعملية الإغاثية، وربما السياسية فى غزة مستقبلًا، يهددها متغير آخر عالمى، يتمثل فى الهجوم الإسرائيلى الأخير على قافلة إنسانية تابعة للمطبخ المركزى العالمى، والذى أسفر عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة، ما أدى إلى تعقيد الجهود الأمريكية، وإلى تغيير نظرة العالم لواشنطن، باعتبار أنها تتحرك دائمًا وفق ترتيبات مسبقة.
الرصيف، أو بالأحرى ما تخطط له واشنطن بشكل إجمالى، يتهدده مُهدد آخر، وهو عدم الوضوح بشأن مدى السرعة التى يمكن أن تفى بها إسرائيل بوعدها، تحت ضغط من إدارة بايدن، بفتح ميناء إسرائيلى ومعبر حدودى إضافى إلى شمال غزة، حتى يتمكن المزيد من المساعدات من الدخول.
وهو مُهدد مثلما يقولون فى الأدبيات الشعبية (منهم فيهم)، أو مهدد أمريكى- إسرائيلى، حيث أكدت القوات الإسرائيلية لنظرائها الأمريكيين أنها ستوفر حماية كبيرة لهم، من أجل ترتيب توزيع ما يقدر بنحو مليونى وجبة سيتم تفريغها من الرصيف يوميًا.
مسؤول أمريكى أشار إلى أن عملية بناء الرصيف مستمرة، على الأقل فى الوقت الحالى، لكنه تساءل عما إذا كانت التوقعات الأولية ستصمد، خصوصًا بعد وصف البنتاجون بأن الرصيف يمكن أن يكون قيد الاستخدام لعدة أشهر فقط، وهو ما يثير تساؤلًا أمريكيًا داخليًا عن جدواه، خصوصًا أن المواطن هناك يتحدث بإسهاب عن أوجه صرف الإدارة الأمريكية، ويعتبرها من جيبه.
الرصيف الأمريكى فى غزة، وإن كان يحل أزمة المجاعة التى على وشك التفشى فى القطاع، فإن مُهدداته كثيرة، كما أنه قد لا يكون لوجه الله ولفلسطين، بل هو أكيد لوجه أمر ما يدور الاتفاق عليه فى العاصمتين، واشنطن وتل أبيب.