بقلم - عبد اللطيف المناوي
أثار إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن عن مشروع ممر اقتصادى؛ من الهند إلى الشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا، قدرًا من التساؤلات والشكوك، بشأن أهدافه وأيضا مدى واقعيته. ومن بين ما يشغل المراقبين رصد مدى جدية منافسته لمشروع «الحزام والطريق» الصينى. وقد أضاف احتفاء رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالمشروع تحسس أطراف عدة، وحديثا عن ترتيبات لمستقبل ملامحه لا تبدو واضحة بين إسرائيل ودول المنطقة. وقد رحب نتنياهو فى الفيديو الذى بثه بالمشروع باعتباره تغييرا لملامح المنطقة، كما وصفه.
نسب إلى جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى، قوله إن البنية التحتية المتطورة ستعزز النمو الاقتصادى وتساعد على جمع دول الشرق الأوسط معًا وترسيخ المنطقة كمركز للنشاط الاقتصادى؛ بدلاً من أن تكون مصدرًا للتحدى أو الصراع أو الأزمة، كما كانت فى التاريخ الحديث.
وكما تابعنا فقد وقّعت الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبى- على هامش قمة العشرين فى نيودلهى- مذكرة تفاهم؛ لإنشاء هذا الممر الذى يشمل سككا حديدية وربط موانئ ومد خطوط وأنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين، بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات.
لم يتحدث بايدن عن منافسة مفترضة مع مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، التى تقوم على إحياء طريق الحرير القديم، بينما رأى كثيرون أن الممر يعد ردا غربيا هنديا على المشروع الصينى، فى إطار التنافس الصينى الهندى. ونلاحظ أن الرئيس الصينى شى جين بينج غاب عن القمة فيما يبدو «تجنبًا للإحراج». فى الوقت نفسه فإن الصين تستعد لإطلاق المنتدى الثالث لمبادرة «الحزام والطريق» فى بكين أكتوبر المقبل. المتحدثة باسم الخارجية الصينية قالت قبل يومين إن 90 دولة أكدت أنها ستشارك فى المنتدى.
حداثة الفكرة والعجلة فى الإعداد للمشروع تلقيان بظلال من الشك حول أسبابه الحقيقية، وحول جدية ودقة ما يعلن حول جدواه. يتم الإعداد للمشروع منذ يوليو 2022 عندما تحدث بايدن عن الحاجة إلى مزيد من التكامل الاقتصادى الإقليمى، من دون أن يفصح عن شىء. وفى يناير الماضى، بدأ البيت الأبيض إجراء محادثات مع الشركاء الإقليميين من دول الخليج المعنية، وبحلول الربيع، كانت تتم صياغة الخرائط والتقييمات المكتوبة للبنية التحتية الحالية للسكك الحديدية فى الشرق الأوسط. ثم قام مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان مع فريقه بجولة فى مايو للقاء نظرائهم فى الإمارات والسعودية والهند.
ووضعت اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاق قبيل الإعلان عنه، وما تم الإعلان عنه هو ما يطلق عليه «مذكرة تفاهم»، هذا يعنى أن «الطريق» مازال طويلا، و«الجدوى» محل دراسة.