بقلم - عبد اللطيف المناوي
أنتهز اليوم فرصة بداية الانتخابات الرئاسية فى مصر للتأكيد على بعض الأمور لعلها تكون دافعًا للناخبين من أجل المشاركة.
مصر واجهت خلال الفترة الماضية العديد من التحديات، أهمها- ولا شك- التحدى الاقتصادى، الذى بدا مستحوذًا على اهتمامات المصريين، حتى فى جلساتهم الودية. وقد حاولت القيادة السياسية والحكومة- ومازالت- تخفيف الأعباء الحياتية على المواطنين، مرة بزيادة الأجور والمرتبات، ومرة بعلاوات غلاء المعيشة، وأخرى بمحاولة السيطرة على الأسواق.
إلا أن ما يُعجبنى هو استخراج المخزون الحضارى المصرى فى وقت الشدائد والأزمات، والذى يجعل المواطنين صفًا واحدًا لدعم بعضهم البعض بأشكال مختلفة فى صورة تعاضد اجتماعى قدر المستطاع، والوقوف خلف الدولة فى محاولاتها الجادة للتغلب على هذا التحدى، عن طريق تكيفهم بما هو قائم وموجود، وهى طبيعة أصيلة مرتبطة فى الأساس بالبيت المصرى.
هناك تحدٍ آخر يتعلق بأمن مصر القومى، فمسألة الأزمات المحيطة بمصر شرقًا وغربًا وجنوبًا، ليست كلمات للاستهلاك، بل هى حقيقة واقعة، ومن تابع الأخبار بدقة خلال الشهرين الماضيين، وطوال حرب غزة، يدرك تمامًا الخطر الآتى من الشرق، ومن يتابع كذلك الأخبار الواردة من السودان والحرب القائمة هناك، حتى وإن خفت صوتها إعلاميًا فإنها مهدد حقيقى لمصر.
أما فى ليبيا فالوضع مازال إلى الآن مضطربًا، ومبتعدًا تمامًا عن الاستقرار الذى نسعى لوجوده هناك، فليبيا مازالت ممزقة بين جبهتين، ومسألة الانتخابات البرلمانية والرئاسية الواحدة تبدو حلمًا صعب المنال قريبًا.
حتى على المستوى البيئى والمناخى، فمصر شأنها شأن دول كثيرة فى العالم تعانى من تهديد حقيقى للتغيرات المناخية، والتى ذكرنا مرارًا أن مناقشتها أيضًا ليست رفاهية، وأن تلك المتغيرات، وإن كنا نرى ونسمع عنها فى نشرات الأخبار والتقارير فى الفضائيات، أقرب ما تكون لحياة المواطن العادى، ويكفينا أن نرصد خريطة المحاصيل فى دلتا مصر أو صعيدها، لنكتشف حجم التغيرات التى أصابت بعضها، خصوصًا مع مسألة طول فترة الصيف، أو شدة البرودة فى الشتاء.
أما على صعيد القوة الناعمة، فمصر مازالت أهم دول المنطقة فى هذا الشأن، حتى مع ما يتصوره البعض محاولات سحبها من بين أيدينا، ولكن تظل القوة الناعمة عنوانا مهما من عناوين الشخصية المصرية، وإن كانت تحتاج إلى اهتمام وعمل أكبر بكل تأكيد.
أرى تحديات على كل الأصعدة، حتى المجتمعى والإنشائى والتعليمى منها، وهذا يتطلب مجهودات ضخمة ومؤسسية، ويتطلب تعاونًا كبيرًا من الجميع، دولةً وأفرادًا. كما يتطلب استقرارًا عامًا وهدوءًا نسبيًا فى المرحلة الحالية.
وأظن أن ما تتطلبه المرحلة يحتاج منا كمواطنين أن نكون فاعلين أكثر فى تحقيق هذا الاستقرار، أن نكون فاعلين فى سلوكياتنا اليومية وتفكيرنا فى المستقبل، لذا أنصح الجميع بأن يكونوا فاعلين أيضًا فى الانتخابات الرئاسية، ليرسموا بأياديهم ملامح الاستقرار فى تلك الفترة.