توقيت القاهرة المحلي 12:44:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان على طريق رواندا

  مصر اليوم -

السودان على طريق رواندا

بقلم - عبد اللطيف المناوي

عندما قرأت عن خبر عملية تسليح المواطنين فى السودان أصابنى الغم توقعًا لمشاهد جديدة لدماء سودانية ستُراق بأيادٍ سودانية، ومن أجل صراع على النفوذ والسلطة، بين طرفين تغلغلت فيهما عناصر تنتمى إلى جماعات الإسلام السياسى. جميعهم لا ينظرون ولا يهتمون بأهل السودان، بل اهتمامهم ينصب على السلطة والنفوذ فقط.

اللافت هنا أن هذا يتركز فى بعض الولايات السودانية التى لاتزال آمنة فى شمال وشرق البلاد، وكأن الأمان بات محرمًا فى السودان. وأُطلق على هذه العملية «المقاومة الشعبية المسلحة»، وتستهدف تسليح المواطنين للدفاع عن مناطقهم خشية امتداد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع إليها على غرار ما حدث فى مدينة «ود مدنى» بولاية الجزيرة.

المئات من الشبان حملوا أسلحتهم وسط هتافات تصرخ لحث بقية المواطنين على التسليح والتدريب على استخدام الأسلحة النارية للمشاركة فى تأمين مداخل ومخارج المنطقة. وهذا الصراخ يبدو مزيجًا من الخوف واستدعاء مشاعر وحشية.

أن يتبنى الجيش عملية تسليح المواطنين هذا خطأ كبير، ولا يوجد سبب منطقى ووطنى يبرره. حتى ما سيق من أن هذا الإجراء يأتى لمواجهة تقدم قوات الدعم السريع هو تبرير يتجاهل خطورة دفع البلاد إلى حرب أهلية، خاصة إذا ما تبنينا التفسير، الذى أراه صحيحًا، بأن هذه الخطوة يتخذها الجيش لمنع فقدان المزيد من السيطرة على ولايات بدأت تتساقط من تحت سيطرته، وهو ما يعنى اعترافًا بالفشل فى المواجهة، بعد العجز عن حسم المعركة ضد قوات الدعم السريع فى غضون أيام، كما ادعى قادة الجيش فى البداية، بينما مضى نحو تسعة أشهر والأمور تتعثر ميدانيًا وتنظيميًا، بل وبات الجيش مهددًا بفقدان السيطرة على المزيد من الولايات.

باتت العقيدة القتالية لذوى الميول الإسلامية هى السائدة فى السودان، حيث يرى كل الأطراف تقريبًا ضرورة تجييش المواطنين للدفاع عن أفكارهم ومشروعاتهم، بغض النظر عن مدى مناسبتها لجموع الشعب السودانى.

إن ما يتم التجهيز له هو «روشتة» أو «وصفة» لإشعال حرب أهلية، ووضع المواطنين فى مواجهة إخوانهم.

وفى حديث مع صديق سودانى تحدث بخوف واضح عن دفع السودان إلى حرب أهلية شبيهة بما حدث فى رواندا، التى راح ضحيتها ما يقرب من مليون مواطن رواندى.

ما أريد أن أقوله أن الجيوش النظامية القوية ترفض الزج بالناس بطريقة عشوائية فى حروبها القتالية، وترفض السماح بسلاح خارج سيطرة الدولة، وهو الأمر الذى يؤدى حتمًا إلى نتائج سلبية، وقوات الدعم السريع نموذج غير بعيد.

إن إعلان قائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، عن تسليح الجيش للمقاومة الشعبية، وعدم منعها من جلب أى سلاح، هو دليل على عمق التدهور وتعقد الأزمة التى يمر بها السودان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان على طريق رواندا السودان على طريق رواندا



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon