بقلم -عبد اللطيف المناوي
رغم أن اهتمام «منتدى دافوس» هذا العام بالحرب الإسرائيلية على غزة لم يكن على المستوى المتوقع، إلا أن أجواء الحرب فرضت نفسها من خلال جلسات ليست موجهة لمناقشة الحرب بشكل مباشر.
ويقارن من يحضر هذا المنتدى بانتظام بين اهتمام المشاركين فى جلساته خلال السنتين الماضيتين بالحرب الروسية- الأوكرانية التى اندلعت فى فبراير 2022، والاهتمام هذه السنة بحرب غزة.
أكثر من 100 يوم من الحرب الإسرائيلية على غزة، وأكثر من 24 ألف شهيد، ومئات الألوف من المصابين والمشردين، ومبانٍ تهدمت وسُوِّيت بالأرض، وأرض كاملة تحولت إلى أطلال، ليست فيما يبدو كافية لفرض موضوع وقف العدوان على القطاع على الأجندة الرئيسية لـ«منتدى دافوس» هذا العام.
وذلك رغم أن أحاديث أغلب المشاركين فى الجلسات دار أغلبها حول حالة الاستقرار التى تؤدى بالضرورة إلى «إعادة بناء الثقة»، كما يقول شعار المنتدى، ولكن أى ثقة وأى استقرار وعمليات القتل والإبادة مستمرة فى غزة، وبشكل يزداد عنفًا فى كل يوم!
حتى وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، الذى قال فى كلمته بالمنتدى، أمس، إن معاناة سكان قطاع غزة أمر صادم و«يفطر قلبه»، لم يشأ أن يُصرح بدعوته لوقف القتال، مكتفيًا بتشديده على ضرورة ضمان عيش الإسرائيليين بسلام!
لقد حاول كثير من المسؤولين العرب التنويه عن مسألة وقف الحرب، ومنهم وزير الخارجية السعودى، الأمير فيصل بن فرحان، الذى أعلن عن قلق بلاده لاضطراب الملاحة بالبحر الأحمر، وقد ربط وزير خارجية الرياض بين حرب غزة وأزمة البحر الأحمر، وطالب بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة، مشددًا على أن ما يحدث فى القطاع حاليًا يجر الإقليم بأكمله إلى مخاطر كبيرة.
أما رئيس الوزراء القطرى، محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، فدعا المجتمع الدولى لمطالبة إسرائيل بالموافقة على مسار إلزامى ومحدد زمنيًا لحل الدولتين، مؤكدًا أنه مفتاح الاستقرار السياسى المستقبلى فى إسرائيل والأراضى الفلسطينية، وأن نزع فتيل الصراع فى غزة الآن سيوقف التصعيد على جبهات أخرى، لأن ما يحدث فى المنطقة حاليًا يعتبر «وصفة للتصعيد فى كل مكان».فى النهاية، أتمنى أن المشاهد التى تُؤلم بلينكن و«تفطر قلبه» تترجمها بلاده إلى إجراءات تسعى نحو إنهاء الحرب بجدية، وليس بالطريقة الهزلية التى تتعامل بها حاليًا مع تل أبيب.
وأؤكد فى الوقت نفسه أن الاستقرار الذى يتحدث عنه المشاركون فى «دافوس» لن يحدث دون البدء فى وقف إطلاق نهائى للقتال فى غزة، والبدء فى عملية سياسية تنتهى إلى استقرار المنطقة والعالم أجمع، وأن أى حديث عن تأمين الملاحة فى البحر الأحمر أو بداية علاقات صحية، لا وجود له على أرض الواقع من دون حل الأزمة الرئيسية بالعالم، والتى عنوانها الآن: «حرب غزة».