بقلم - عبد اللطيف المناوي
تقترب الانتخابات الفرنسية وسط قلق كبير فى المجتمع الفرنسى من نتيجتها، ويرى قطاع كبير أن الاستحقاق سيذهب إلى جولة إعادة بين الرئيس الحالى ماكرون والمرشحة مارين لوبان، والتى تقاتل فى حملتها الرئاسية التى تخوضها للمرة الثالثة منذ أن انتزعت قيادة حزب الجبهة الوطنية من والدها فى عام 2011.
لوبان ركزت فى حملتها الحالية على تعهد رئيسى واحد: ضخ المزيد من الأموال فى الجيوب الفرنسية وسط مخاوف من التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة المرتبطة بالحرب فى أوكرانيا.
فى حين أنها انهارت فى الجولة الثانية فى عام 2017 بنسبة 34% من الأصوات مقارنة بالوافد الجديد من الوسط ماكرون، البالغة نسبته 66%، فمن المتوقع هذه المرة أن يكون السباق أصعب بكثير، حيث تضع بعض استطلاعات الرأى الفجوة بين لوبان وماكرون داخل منطقة هامش الخطأ.
فهل تستطيع لوبان حقًا أن تصنع أكبر صدمة انتخابية فى التاريخ الفرنسى الحديث؟
إن صعودها التدريجى أثار مخاوف فى معسكر ماكرون. فقد أظهر استطلاع حديث أجرته «لوموند» أن 46% من الفرنسيين يرون أن لوبان الآن تمثل حقًا وطنيًا مرتبطًا بالقيم التقليدية، مع 40% فقط يرون أنها آتية من البعد العنصرى وكراهية الأجانب.
وبينما وجد الاستطلاع نفسه أن 50% من الفرنسيين مازالوا يرونها خطرًا على الديمقراطية، فإنهم يرون أنها أقل تهديدًا بكثير من إيريك زمور، الذى يخيف 62% من الذين تم استجوابهم.
لكن الأسباب الرئيسية لشعبيتها تكمن فى أماكن أخرى، اختارت مارين لوبان استراتيجية حملة تركز على تكاليف المعيشة والحياة اليومية للفرنسيين. لقد تجنبت التجمعات الكبيرة وتجولت فى مقاطعات فرنسا فى البلدات والأسواق الصغيرة لمقابلة الناس العاديين.
فيما يجادل معسكر ماكرون بأن تجربتها باهظة التكلفة فى القومية الاقتصادية لن تؤدى إلا إلى زيادة التضخم والديون، التى تصل إلى 115% من الناتج المحلى الإجمالى.
وتتكون قاعدة لوبان الانتخابية إلى حد كبير من ناخبين شباب وأقل تعليمًا وأفقر، والذين تقل احتمالية مشاركتهم فى الانتخابات عن جمهور مؤيدى ماكرون.
أعرف مارين لوبان معرفة شخصية، وقد أتت لزيارة مصر قبل الانتخابات السابقة، وقابلت شخصيات فى دوائر سياسية ودينية، وحكت لى عن جدتها التى عاشت فى الإسكندرية، وكانت الانطباعات المتبادلة حول اللقاءات المختلفة إيجابية للغاية، غير التى كانت بعض الأطراف تسوق لها من أنها ضد الإسلام، وأظن أنها تراجعت حتى عن تصريحاتها العدائية السابقة، وفى نفس الوقت أظن أن الانفتاح على كل الآراء والأشخاص، خصوصًا من المرشحين الرئاسيين فى دول أوروبية ذات ثقل، والتى تشهد صعود المد اليمينى، أمر إيجابى وحيوى لمصر.