بقلم -عبد اللطيف المناوي
لست من مدعى الترفع الزائف عن متابعة الدراما المصرية لأنها دون المستوى إذا ما قورنت بالإنتاج العالمى، الغربى تحديدًا، وأيضا لست من مدمنى متابعة المسلسلات بشكل عام، لكنى لا أمانع من مشاهدة بعضها، إذا ما وقعت تحت «حصار عائلى» أو تلميحات بعدم المشاركة وعدم الاهتمام بما تشاهده وتهتم به الأسرة، ما قد يهدد «الاستقرار العائلى» داخل المساحة المحدودة فى البيت، وأظننا جميعًا نبحث عن أى مساحة استقرار فى هذا العالم غير المستقر.
أستمتع أحيانًا ببعض ما أشاهد، وألتقط أحيانا وجوهًا أعتقد أنها تمتلك القدرة على الطيران فى عالم الإجادة فى الفن.
أخيرا، استوقفنى شاب نحيف يمتلك من قدرة الحضور الكثير، ومتمكن من تغيير تقمصه للشخصيات بشكل مقنع وسلس. لكنى لاحظت أنه لا يقدم إلا الكوميديا أو الأدوار الاجتماعية الخفيفة. فى جزء منها، كان يذكرنى بحسن يوسف فى شبابه وشقاوته. ورغم هذا الحضور الكوميدى المستمر، حسبما شاهدت، وهو محدود، إلا أنه ترك داخلى بصمة وانطباعا أنه أكثر من مجرد مؤدٍ كوميدى، وأن لديه حضورا وموهبةً تتخطى ما شاهدته حتى وقتها.
وفى إحدى محاولات الحفاظ على الاستقرار العائلى بدأت مشاهدة مسلسل «حالة خاصة»، كان البطل فيه على الإطلاق هو طه دسوقى، الشاب النحيف الذى ذكرته فى الفقرة السابقة، والذى ذهبت للبحث عن اسمه وعن خلفيته. صحيح أنه كان فى حضرة فنانة لها حضورها وقيمتها الفنية الكبيرة وهى غادة عادل، حيث كان لهذا الحضور الكبير لها العامل الأبرز فى إظهار موهبة طه دسوقى.
أكيد أن عددا كبيرا من القراء شاهد المسلسل، الذى أثار ما أثار من جدل وحوار وإعجاب بين المشاهدين على وسائل التواصل الاجتماعى، وبين النقاد والكتاب فى الصحف والمواقع الصحفية المختلفة، إلا أن أكثر ما توقفت أمامه هو تأكيد توقعى أن هذا الفنان الشاب هو أكثر من مؤدٍ كوميدى له حضور حقيقى، بل هو فنان فى تكوينه وأعماقه ونسيجه الذهنى. يمتلك مزيجًا من الموهبة والقبول التى يمكن أن تفتح له مستقبلا واعدا ومهما.
طاف بذهنى، وأنا أشاهده، النجم الراحل أحمد زكى، بقدراته الهائلة على تقمص الأدوار ومعايشتها.
طه دسوقى قدم، أو عاش، شخصية مصابة بالتوحد، واستطاع أن يخلق رابطا حقيقيا وإنسانيا بين المشاهد والشخصية، وأثبت أنه خامة حقيقية لفنان حقيقى، أتوقع له مستقبلا مهما.أستعير هنا تعليقا للفنان أحمد أمين حول إعطاء الفرصة لوجوه جديدة لتشغل مساحتها التى تستحقها بعد ذلك فيقول: «الدور اللى لازم دايما نعمله إننا نصدق فى مواهب جديدة تستحق ونسيب لها المساحة والفرصة. ساعتها هيفرحونا ويتحولوا لمكاسب ونجوم تنور وتؤثر، وهى مصر كده هتفضل ولّادة ومليانة مواهب».
فليسمح لى الأساتذة والزملاء من النقاد الفنيين بأن أتحدث فى تخصصهم هذه المرة، كمشاهد وليس متخصصا، عن فنان يستحق.