بقلم - عبد اللطيف المناوي
هكذا تمر الأيام، ويبتعد الأمل يوما بعد يوم، يستمر نزيف الدم ونزيف الأحلام البسيطة بالعيش فى أمان. ينطبق هذا الوصف على كثير من مناطق العالم، ونحظى نحن فى منطقتنا بالكثير من هذه الحالة.
واليوم نستحضر، إن كنا نسينا، الأشقاء فى السودان الذين مر عليهم العام الأول، من آخر حروبهم العديدة، التى يقتل فيها السودانيون السودانيين، والقاسم المشترك بينهم- غير جنون السلطة المسيطر على قادة الطرفين- أن كل طرف يحمل شعار وحدة السودان ويرفع راية الإسلام.
هكذا تدخل الحرب فى السودان عامها الثانى وسط نزوح الملايين مع تحذيرات دولية من مجاعة هائلة فى دولة دمرت بنيتها التحتية بشكل شبه كامل، وتركت دمارًا هائلاً ومعاناة إنسانية لا تُطاق.
سبب الأزمة هو التنافس بين الرجلين القويين فى السودان، قائد الجيش السودانى ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وبين محمود حمدان دقلو (حميدتى) قائد قوات الدعم السريع أو الميليشيا الموازية للجيش. وكلاهما يتهم القوى المدنية بأنها السبب إما لتواضع الكفاءات أو لرفض الصالح منها المغامرة باستلام إدارة شؤون السودان. لا تتحمل الأطراف العسكرية فقط مسؤولية ما يحدث، لكن للأسف فإن الأطراف السياسية مختلفة ومنقسمة بصورة كبيرة، والكثير منها تحاول أن تحجز مقاعدها فى سلطة ما بعد الحرب.
إن الخلاف بدأ بين القوى السياسية المدنية التى انقسمت على نفسها فى أعقاب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، وعدم تمكن تلك القوى من امتلاك رؤية واضحة لاستعادة الحكم المدنى الانتقالى. أدى ذلك فى النهاية إلى أن تنشأ عملية استقطاب جديدة بين الأطراف العسكرية أدت فى النهاية إلى الوصول لمرحلة الحرب. تُعدّ الكارثة الإنسانية فى السودان من أسوأ الكوارث فى العالم، فالملايين من المدنيين يعانون من نقص الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، بينما يتعرضون للقتل والتشريد والاعتداءات الوحشية من قبل أطراف الصراع.
وقبل أيام، حذر برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة، من أن أزمة الجوع فى السودان ستصل لمستويات غير مسبوقة ما لم يحدث تدفق مستمر للمساعدات عبر جميع الممرات الإنسانية الممكنة. ويحتاج نصف سكان السودان، أى حوالى 25 مليون شخص، إلى المساعدة الإنسانية والحماية، ويواجه ما يقرب من 18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائى الحاد، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
فشلت جميع محاولات حل الصراع فى السودان حتى الآن، سواء من خلال المفاوضات أو الضغوط الدولية، ويقف تعنت الأطراف المتنازعة، وعدم وجود إرادة حقيقية للوصول إلى حلول وسط، أسباباً حقيقة لهذا الفشل. ويستمر نهر الدم ومعاناة الباقين على قيد الحياة، ويتوارى الأمل فى عيون أطفال تعانى جوع اللحظة ولا ترى ما يطلق عليه البشر «الأمل».
وليهنأ المتقاتلون من السودانيين بما فعلت أيديهم فى أهلهم.