بقلم - عبد اللطيف المناوي
يقول التقسيم الموسمى إن أيامًا قليلة تفصلنا عن فصل الصيف، الذى يبدأ رسميًّا فى 21 يونيو الجارى، ويستمر إلى سبتمبر، ولكن الطقس الحار الذى تمر به مصر هذه الأيام ربما يُشعرنا أننا دخلناه بالفعل، ذلك رغم الظواهر الجوية المضطربة، والناتجة من تغير فى طبيعة المناخ، وهو أمر لا تختص به مصر فقط، بل العالم كله.
ولكن العالم كله- حكومات وشعوبًا- تخطط لمواسمها، فكما للشتاء والربيع خطط، فالصيف أيضًا له خطط ومهام وإجراءات استباقية، تمامًا مثلما كان يفعل أجدادنا المصريون القدماء، الذين قسموا فصول السنة إلى مواسم، وأطلقوا على كل موسم اسمًا وصفات، بل كانت حياتهم اليومية التى دونوها على جدران معابدهم تشير إلى حرصهم الشديد على الاستعداد للمواسم، خصوصًا الزراعة لأنها مرتبطة بوجودهم ووجود النيل، الذى لولاه ما كان لحضارة المصريين أن تستمر لقرون طويلة.
وقبل أن يدخل الصيف، بـ«زحمته» وصخبه المعتاد، نتيجة انتهاء امتحانات المدارس، وانطلاق الطلاب فى الشوارع، والشعور الأسرى العام بالتحرر والإجازة، أرى أن نستفيد بما يفعله العالم وفعله المصريون القدماء بالاستعداد الجيد والتخطيط حتى لأقل الإجراءات، التى من شأنها أن تجعله صيفًا مفيدًا، قليل الخسائر.
أظن أن مَن يقرأ السطور الماضية ربما يستنكر الحديث فى أمر وضع الخطط الموسمية، ولاسيما أن الحياة بها ما يكفيها من صعوبات وأزمات، ولكنك عزيزى القارئ لست أسوأ حالًا من «نملة» تخطط لحياتها، رغم أنها تتعرض فى كل لحظة لخطر الموت بحذاء رجل أو امرأة أو طفل ربما لا يدرى أنه يسير عليها.
أظن سيدى القارئ أن الموت والحياة والصعوبات والتحديات والنجاحات أمور نتعرض لها جميعًا، ولكن هل فكرت فى أن تخطط لحياتك قبل التفكير فى كل هذا؟، هل فكرت فى أن تخطط كيف تواجه أزمة إن وقعت؟، هل فكرت فى أن تخطط لمواجهة نقص «مصروف» البيت مثلًا؟، هل فكرت فى أن تخطط ليومك أو لإجازتك حتى؟.
أعلم أن المستقبل بيد الله، وأعلم أن (وما تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)، وأعلم أن (وما تَدْرِى نَفْسٌ بأىّ أرْضٍ تَمُوتُ)، ولكن للأسف الشديد أرى أن وضع نظام محدد وخطط واضحة لخطواتنا المقبلة هو الأمر الأكثر استبعادًا فى تفكير المصريين، نعانى من هذا الأمر على المستوى الشخصى فى الحياة اليومية البسيطة، ونعانى منه أيضًا على مستويات أخرى. نترك كل شىء للغد وما يحمله من ظروف، لا نعطى لأنفسنا الرغبة فى أن نقود نحن الأيام والظروف، لا أن تقودنا.
أظنها آفة يجب أن نتخلص منها قبل زحمة الصيف.