بقلم - عبد اللطيف المناوي
يُخطئ الرئيس الأمريكى جو بايدن لو كان يظن أنه قادم إلى المنطقة منتصف الشهر الجارى ليجتمع بقادة دول الخليج والمنطقة العربية، فقط ليطرح عليهم مطالب أو ليستعين بتلك الدول فى أزمة الحرب الروسية- الأوكرانية، أو تهدئة أسعار النفط، أو ضخ المزيد منه فى الأسواق، أو لإيجاد ترتيبات إقليمية جديدة برعاية أمريكية.
يُخطئ بايدن لو لايزال يعتقد أو إدارته تعتقد أن الحسابات السياسية والاقتصادية هى نفسها قبل سنوات الجائحة والحرب.
سيأتى السيد بايدن إلى الرياض فى الفترة بين 13 و16 يوليو ليصبح الشغل الشاغل للمراقبين ولوسائل الإعلام فى مصر والعالم العربى، وسنسمع الأعاجيب من التحليلات والرؤى، والتى سيكون بعضها منطقيًا، والبعض الآخر خارج حدود العقل والمنطق والظروف المتغيرة.
نحاول فى السطور التالية، وعلى مدار جزءين، أن نقرأ بهدوء الزيارة المنتظرة للرئيس الديمقراطى للمنطقة، وما سيطلبه من القادة العرب، وما سيطلبه القادة العرب منه، وما يخصنا كمصر من هذه الزيارة. الثابت الآن أن العلاقات العربية- الأمريكية لم تعد كما كانت، لأن الجانب العربى استطاع أن يجد لنفسه مساحة تُمكنه من استخدام العديد من الأوراق من أجل الحصول على مكاسب كانت فى السابق بعيدة المنال، من الحليف الاستراتيجى، أو بالأحرى كان هذا الحليف بخيلًا فى إعطاء أى مكاسب للعرب، ما كان يخلق دائمًا شعورًا لدى الشعوب بأنها علاقة غير متكافئة، يعطى فيها الجانب العربى أكثر بكثير مما يحصل.
تمنّع بايدن عن زيارة المنطقة خلال الوقت الماضى، ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض، ومن ثم حرصه على الزيارة يؤكد أن العرب باتوا رقمًا مهمًا فى المعادلة العالمية، خصوصًا بعد تلويح عدد من القادة العرب والخليجيين بإقامة شراكات جديدة ومتنوعة مع قوى كبرى فى العالم.
وأعتقد أنه يُحسب للعرب فى إدارتهم للأزمة مع واشنطن أن توجههم للبحث عن حلفاء دوليين إلى جانب الحليف التقليدى، كان من منطلق رغبتهم فى الحفاظ على أمن دولهم واستقرارها، وليس كإجراء يتصورون أنه عقابى ضد أمريكا.
الثابت أن الموقف العربى من الحرب الروسية- الأوكرانية، وتحديدًا فى مسألة رفض الأشقاء فى الخليج تعويض غياب النفط الروسى فى الأسواق العالمية، هو رسالة واضحة للأمريكان بضرورة مراجعة مواقفهم مع العرب، خصوصًا فى تبعات موضوع الاتفاق النووى مع طهران، والذى أطلق يد الإيرانيين وحلفائهم فى المنطقة، وربما يدخل موضوع الصراع العربى- الإسرائيلى كذلك من بين الأمور التى استاء منها العرب.
يحتاج العرب، ودول الخليج خاصة، أن ينعموا بفترة من الهدوء والاستقرار السياسى والازدهار الاقتصادى، يحتاجون أن ينعموا بذلك ويجنوا ثمار ما بذلوه من جهود وتحركات خلال العقود التى تلت حرب الخليج، ومثلما كانت حرب الخليج فرصة لواشنطن لإقامة علاقات غير متوازنة مع العرب، فإن الحرب فى أوكرانيا ربما تكون الفرصة للعرب فى أن يقيموا علاقات متوازنة مع أمريكا!.