بقلم - عبد اللطيف المناوي
زاد خلال الأيام الماضية الحديث عن شكل إدارة قطاع غزة بعد الحرب، وذلك لسببين رئيسيين، أولهما أن واشنطن طالبت حليفتها في تل أبيب بوضع حد زمنى قريب- نسبيًا- لإنهاء العمليات العسكرية، وثانيهما أن إدارة القطاع من الأمور المهمة لكافة الأطراف، ليس فقط المتحاربة، ولكن أيضًا لكافة الأطراف الإقليمية والدولية.
يُقال إن هناك مبادرة تم تقديمها للقوى الفلسطينية لتشكيل حكومة «تكنوقراط» بعد انتهاء الحرب، لتولى إدارة الضفة الغربية والقطاع، إلى جانب مهام إعادة الإعمار والإيواء، وتشير التكهنات إلى أن حركة حماس تُبدى مرونة في الموافقة على هذا الاقتراح.
هناك أيضًا فكرة أن تكون السلطة الفلسطينية المرشح الطبيعى للعب دور أكبر في قطاع غزة، لكن مصداقية السلطة، التي تديرها حركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس، لحق بها ضرر شديد بسبب خسارتها السيطرة على قطاع غزة لصالح حماس في صراع عام 2007، وبسبب فشلها في وقف انتشار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
حتى إن حل تولى السلطة مقاليد الحكم في القطاع لا يُرضى تل أبيب، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، منذ فترة إن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالى لا يجب أن تتولى مسؤولية قطاع غزة.
هناك مشاورات أُجريت منذ أيام أيضًا وذُكر فيها اسم قيادى فتح التاريخى مروان البرغوثى، الأسير في السجون الإسرائيلية، وكان مفاد المقترح أن يطلق سراح البرغوثى ليكون حلًا يُرضى جميع الأطراف، فالرجل عليه توافق من كافة الفصائل الفلسطينية، كما أنه يمثل وجهًا آخر للسلطة الفلسطينية قد تُبدى إسرائيل موافقة عليه.
أما المقترح غير الوارد ربما أيضًا من كافة الأطراف فهو أن تعود حماس من جديد كما كانت متولية زمام الموقف في القطاع، وهذا إضافة إلى كونه سيكون فشلًا ذريعًا لحملة الإبادة الإسرائيلية الحالية، سيكون أيضًا بمثابة القنبلة الموقوتة المهددة بالانفجار في أي وقت على المدى الزمنى القريب.
ربما أيضًا هناك مقترح آخر غير وارد، وهو أن تُبقى إسرائيل على الوضع الحالى في قطاع غزة، وأن تحتله بشكل كامل، وبدلًا من أن تدير حماس القطاع إذا تمت الإطاحة بها ودُمرت بنيتها التحتية واقتصادها، سيكون الإسرائيليون هم حكام القطاع الجدد، ورغم أن الفكرة غير مقبولة عربيًا وربما عالميًا، إلا أنها أيضًا غير مقبولة في الداخل الإسرائيلى، لأن الكثير من المتابعين هناك تحدثوا عن احتمالية أن تنزلق إسرائيل في حرب شوارع القطاع الضيقة، وأن يكلفها هذا ثمنًا جديدًا باهظًا.
الواقع الذي نعيشه الآن هو غياب التصور لمستقبل غزة عند كل من إسرائيل وأمريكا والمجتمع الدولى، ومن قبلهم الغزاويون أصحاب الأرض الأساسيون، وهى مأساة تُضاف إلى مآسى ما بعد السابع من أكتوبر.