بقلم -عبد اللطيف المناوي
رغم كل ما يوجهه البعض من انتقادات إلى منتدى دافوس الاقتصادى العالمى من أنه أصبح مزدحمًا وفقد خصوصيته، وأن عنصر الربح المادى اصبح أكثر حضورًا، إلا أنه حتى هؤلاء الذين يوجهون هذه الانتقادات هم الأكثر حرصًا على حضوره. لم يستطع أي منتدى اقتصادى آخر أن يحل محله أو ينافسه.
إلى هذه البلدة الصغيرة في شرق سويسرا التي بدأ فيها كلاوس شواب منتداه الأول منذ عام ١٩٧١، يتوجه أقل من ثلاثة آلاف شخص، منذ أمس الأحد، استعدادًا لبدء أعمال المنتدى اليوم ولمدة خمسة أيام.
في كل مرة ينعقد فيها المنتدى تحلق في أجوائه أزمات العالم وتحدياته وطموحاته. من يحضر ويعايش يستطيع أن يقرأ كيف يؤثر الواقع العالمى، أزماته، حروبه، تحالفاته، في تشكيل الواقع، وأيضا يستطيع أن يلمح التغيرات أو التوجهات الرئيسية في المستقبل القريب.
ينعقد الاجتماع هذا العام على خلفية حربى غزة وأوكرانيا، وثورة الذكاء الاصطناعى وأزمة تكلفة المعيشة وقضية التغير المناخى. كما ذكرت يتوقع أن يحضر أكثر من 2800 مشارك، بينهم أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة. وتم الاتفاق على أن يكون موضوع اجتماع هذا العام لقادة السياسة والأعمال العالميين والمشاهير والناشطين الاجتماعيين البارزين هو «إعادة بناء الثقة». الحديث عن استعادة الثقة أتى كاستجابة مباشرة «لحالة تآكل الثقة الواضحة في المجتمعات وبين الدول» كما قال ميريك دوسيك، المدير الإدارى للمنتدى.
من بين كبار القادة السياسيين المشاركين الرئيس الفرنسى ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الصينى لى تشيانغ. ومن المتوقع أيضًا أن يحضر الرئيس الأرجنتينى المنتخب حديثًا خافيير ميلى. وتجربة الأرجنتين تحت ميكروسكوب الاهتمام العالمى الآن. وسيمثل الولايات المتحدة وزير الخارجية أنتونى بلينكن، والرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوج ورئيس الوزراء القطرى محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، وقد تكون هناك فرصة لمناقشة سبل وضع حد للصراع في القطاع وتجنب المزيد من التصعيد الذي يخشاه الكثيرون.
يؤثر تباطؤ النمو الاقتصادى وأزمة تكاليف المعيشة المستمرة وسط ارتفاع أسعار الفائدة بشدة، على الناس في جميع أنحاء العالم. وقد حذر البنك الدولى مؤخرا من أن الاقتصاد العالمى في طريقه لإنهاء عام 2024 كأبطأ نصف عقد من نمو الناتج المحلى الإجمالى منذ 30 عامًا.
وستكون حالة الاقتصاد وأزمة الديون على رأس جدول أعمال القادة، الأفارقة على وجه التحديد. واليوم، يعيش 3.3 مليار شخص في بلدان تنفق على مدفوعات الفائدة أكثر مما تنفقه على التعليم أو الصحة، وفقا للأمم المتحدة. وتقر العديد من البلدان النامية بأن خزائنها المالية تتعرض لضغوط وسط ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة وارتفاع تكاليف الاقتراض.«دافوس 24» يبدأ محاصرًا ما بين الحروب والأزمات الاقتصادية وتحديات الذكاء الاصطناعى والتحدى الأكبر «استعادة الثقة»، فهل تعود؟!.