بقلم -عبد اللطيف المناوي
الجو فى ميونخ لم يحمل ملمحًا واحدًا، بل تقلب بين البرد وأشعة الشمس ويوم من المطر. إذن لم يكن الإحساس بعدم اليقين والتقلب هو الإحساس السائد وحده فى مؤتمر ميونخ للأمن، بل توافقت الأحوال الجوية مع أجواء المؤتمر. وحمل تقرير المؤتمر السنوى هذا العام عنوانًا موحيًا أظنه حمل فى طياته إحساس القلق وعدم اليقين «هل يخسر الجميع؟»
المؤتمر عمره اليوم ستون عاما منذ بدأه الكاتب الألمانى كلايست، فى 1963، عندما عقد اجتماعات مع مجموعة من المثقفين والمحللين السياسيين المؤثرين، مثل هنرى كيسنجر، للمناقشة وتبادل وجهات النظر، والتعرّف على الآراء المختلفة للحفاظ على «الأمن والسلم الدوليين»، وذلك بحضور شخصيات بارزة ومنظّرين ألمان رفيعى المستوى فى السياسة الدولية.
عُقدت هذه الاجتماعات سنوياً، على مدى عقود، لكن بعد انتهاء الحرب الباردة، ازدادت أبعاد هذا المؤتمر وعدد ضيوفه، ليصبح أحد الاجتماعات السياسية الدولية الهامة التى تتيح للدبلوماسيين الاستفادة من المباحثات التى تجرى على هامشها، لتطوير وتعزيز أهداف سياساتهم الخارجية. يمكن القول إن الفلسفة التأسيسية لهذا المؤتمر، الذى بدأ كمبادرة ألمانية فى النظام العالمى ثنائى القطب أثناء الحرب الباردة، هى البحث عن سبل الحوار والتفاعل المتبادل لحل المشاكل الأمنية. ولكن هل كان هذا الهدف حاضرًا على مدى أيامه الثلاثة؟.
ملاحظتى الأساسية قبل التطرق لموضوعات أخرى مهم التوقف أمامها فى هذا المؤتمر أنه على عكس الهدف الرئيسى منه والذى قام به لسنوات بأن يكون مؤتمرًا حقيقيا للحوار بين الأطراف فإنه هذا العام، وللعام الثانى على التوالى يكون أحادى الصوت. كان مونولوجًا أوروبيا غربيًا بامتياز. غابت الأطراف الأخرى المؤثرة فى الأحداث، وعلى رأسها روسيا التى كانت حاضرة دائما.
ركز مؤتمر هذا العام على الصرع الفلسطينى الإسرائيلى، وحالة النظام الدولى، وغيرها من القضايا العالمية المهمة مثل المناخ وانعدام الأمن الغذائى. وقضايا أمنية أخرى، مثل مستقبل حلف شمال الأطلسى، وسياسات الطاقة وأزمة المناخ والأمن والغذاء والذكاء الاصطناعى.
وطبعا كانت التساؤلات حول السياسة الأمريكية فى حال فوز الرئيس السابق دونالد ترامب بالانتخابات المقبلة تحلق فوق الرؤوس.
خلال مشاركته فى المؤتمر افتتح سامح شكرى، وزير الخارجية، المائدة المستديرة التى عقدها مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام بعنوان: «بزوغ حقبة جديدة؟ منظومة السلم والأمن الإفريقية فى عالم متغير»، وقد تكون هذه هى المشاركة المؤسسية المصرية الوحيدة فى مؤتمر ميونخ بمشاركة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين من المنظمات الدولية والإقليمية ورؤساء مراكز الفكر والأبحاث.