بقلم - عبد اللطيف المناوي
اليوم هو عيد الشرطة الـ72، ذكرى يوم بطولى فى حياة المصريين، عندما رفضت قوات الشرطة المصرية تسليم أسلحتها وعتادها وإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية للقوات البريطانية فى 25 يناير 1952، حينها دفع 50 شرطيًا حياتهم ثمنًا لهذا العمل البطولى، والذى كان أبرز ما مهد لنيل مصر استقلالها التام عن الاستعمار البريطانى.
ودفع المئات وربما الآلاف من جهاز الشرطة حياتهم فى سبيل تأدية واجباتهم فى حفظ الأمن، وصون مقدرات الدولة، وحماية حياة المصريين، وهى أهم وظائف رجل الشرطة المصرى، والتى تطورت منذ بداية إنشاء جهاز الأمن فى عهد الفراعنة حتى الآن، حيث كانت أول وظيفة للشرطى المصرى فى التاريخ هى تنظيم أعمال توزيع مياه النيل بين المصريين بشكل عادل، بالإضافة إلى المحافظة على المؤسسات العامة، ومتابعة العاملين فى إدارة الدولة وعزل من يثبت فساده، وكذلك حماية المقابر من اللصوص.
واستمرت وظائف الشرطى المصرى على حالها، مع تغيرات الزمن وتعاقب الدول والممالك، تتوسع حينًا وتقلص أحيانًا، حتى جاء العصر الحديث، مع الوالى محمد على باشا، والذى شهد عهده إعادة جذرية لتنظيم جهاز الشرطة، ووظائفه الموكلة إليه. وكان قد أسند تلك المهمة لـ«لاظوغلى» (والمطلق اسمه على ميدان شهير فى آخر شارع مجلس الأمة بالقاهرة، والذى كان قريبًا من مبنى وزارة الداخلية القديم)، فهو من نفذ المهمة بكل عناية وإحكام.
هنا، زادت وظائف رجل الشرطة، لتشمل حفظ الأمن فى كافة مرافق الدولة وأركانها، بل بدأ فى استحداث بعض الإدارات التابعة لجهاز الشرطة، كـ«شرطة الجمارك»، وغيرها من الإدارات التى ساهمت فى ترسيخ دعائم الدولة، وزيادة مواردها، وصون مقدراتها وآثارها ومبانيها، إضافة بالطبع إلى حماية حياة الشعب.
ولكن- فى تقديرى- تبقى أهم وظائف الشرطة، هى تلك الوظيفة المشتقة من اسم «Police» أو «بوليس» والمنتشر فى العالم بأشكال مختلفة، وهى كلمة لاتينية ذات أصل يونانى، وتعنى المدنية أو التحضّر، أى أن وجود الشرطة دليل وضمان على دولة مدنية متحضرة، وبشىء من التأمل، ندرك فعلًا أن لا دولة ولا ازدهار ولا رقى إلا فى ظل أمن قوى عادل، يضمن للوطن استمراره وبقاءه، وبالتالى مدنيته وارتقاءه، وهنا صارت وظيفة الشرطى أكبر وأعم وأشمل.
بالتأكيد العلاقة بين الشعب وجهاز الشرطة لم تكن وردية طوال تاريخها، وقد شابها الكثير من التوترات والأزمات، ولكن تبقى وظيفة ضمان مدنية الدولة وتحضرها هى الوظيفة التى لا جدال فى ضرورة تحقيقها.
لذا أنتهز فرصة عيد الشرطة هذا العام للتأكيد عليها، والعمل أكثر على تحقيقها، لما فيه خير للجميع.