بقلم - عبد اللطيف المناوي
كتبت هنا منذ فترة عن عدم الاهتمام العربى بمرحلة ما بعد الحرب على غزة، وطالبت الحكومات بالاهتمام بتلك المرحلة، وعدم ترك الغرب يتحكم فى مصير القطاع ورسم خططه وإعادة تشكيله، باعتباره أمنًا قوميًّا عربيًّا يهم الشعوب العربية عمومًا، ودول الجوار على وجه الخصوص، وأسعدتنى المحاولات المستمرة من البعض- خصوصًا مصر- للاشتراك فى خطط ما بعد الحرب على غزة.
من بين تلك المحاولات ما نشره موقع (إكسيوس) الشهير حول اجتماع رباعى سرى أُقيم فى الرياض ضم أطرافًا ومسؤولين من مصر والأردن وفلسطين، ومن السعودية بالطبع، على اعتبار أن عاصمة المملكة هى التى استضافت اللقاء.
واستهدف اللقاء تنسيق المواقف بشأن اليوم التالى للحرب على غزة، كما طالبت وكتبت فى وقت سابق. وقد بحث الاجتماع كل السبل التى يمكن من خلالها لسلطة فلسطينية متجددة أن تشارك فى إدارة القطاع فى فترة ما بعد الحرب، واطّلع المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون على ما دار فى الاجتماع ونتائجه، مثلما يؤكد الموقع.
ومثلما دار فى أروقة الاجتماعات السابقة، فإن الجميع تحدثوا عن إصلاحات جادة لتجديد دماء صفوف السلطة الفلسطينية، وهو فى الواقع مطلب المرحلة، وليس مطلبًا خاصًّا بأحد الأطراف، ويُقال، حسب الموقع، إن المجتمعين طالبوا ممثل السلطة بأن يحصل رئيس الوزراء الجديد- إذا تم تشكيل حكومة فلسطينية جديدة- على عدد من الصلاحيات، التى كانت تتركز فى السنوات الأخيرة بيد الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن.
من المؤكد أن الإصلاح من ناحية وطنية فلسطينية مطلوب منذ سنوات متعددة لإعادة النظر بشكل رئيسى فى طبيعة النظام السياسى فى البلاد من الناحية الديمقراطية ومن ثَمَّ إجراء انتخابات.
وهو ما يثير الحديث حول الفترة الانتقالية المتوقعة فى اليوم التالى للحرب، والأطراف التى ستشارك فيها.
وبغض النظر عما إذا كان هذا الاجتماع قد عُقد بناءً على توصيات وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن خلال زيارته إلى المنطقة منذ فترة، أم بسبب الاقتراب من هدنة جديدة أو حتى وقف كامل للعمليات العسكرية فى القطاع، فإن الاجتماع كان ضرورة، وأتصور أن مخرجاته ستكون فى حسبان الأطراف العالمية.
البعض حذر من أهداف الولايات المتحدة، باعتبارها غير متوافقة مع الأهداف الفلسطينية والعربية، ولكن وجود سلطة قوية قادرة على الحكم والتفاوض مع إسرائيل أمر مطلوب ويلبى احتياجات المواطنين الفلسطينيين، ويُعيد توحيد مؤسسات السلطة فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
حسنًا فعلت مصر بمشاركتها فى هذا الاجتماع، وبمشاركاتها الإيجابية فى الوساطات المستمرة لتحقيق الهدنة، والتى ستكون فى صالح الشعب الفلسطينى بالتأكيد، وأقدر هذا التوجه الجديد فى الاهتمام العربى بمرحلة اليوم التالى للحرب لما يحققه من مصالح.