بقلم - عبد اللطيف المناوي
فى البداية تلقيت خبر ترميم كسوة هرم منكاورع بهدوء وتأمل، الهدوء لأن الصور القديمة أو المرسومة للهرم، والمتداولة على الإنترنت وفى كتب الآثار المصرية، تقول إن هذا الهرم كان فى جزء منه مكسوًّا أو مُبطنًا بطبقة من الأحجار تآكلت عبر الزمن.
وأما التأمل فهو تأمل شكل الترميم، أو بمعنى أدق النتيجة النهائية التى سيخرج عليها هرم منكاورع بعد هذا الترميم أو الإصلاح، فوجدت كأحد المتلقين العاديين الشكل النهائى بنوع من الخوف والحذر.
وبعد يوم واحد من الخبر زاد خوفى وحذرى، خصوصًا مع انتشار لفظ «تبليط» هرم منكاورع عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وللأسف على لسان بعض المتخصصين، فاستدعيت وقتها مخزون ذكريات فعل «التبليط» نفسه فى البيوت المصرية والشوارع أحيانًا، فانقلب خوفى وحذرى إلى رعب حقيقى مما سيحدث فى أحد الأهرامات الثلاثة.
وبمرور الساعات، لجأت إلى أهل الاختصاص، الذين أكدوا أن الملك منكاورع بطّن جزءًا من الهرم بـ١٦ مدماكًا (صف حجارة من الجرانيت)، ورحل قبل أن يُكمله، وبفعل الزمن وعوامل التعرية سقطت ٩ مداميك منها إلى جوار الهرم، ثم دُفنت تحت الرمال بفعل الزمن، وأن مشهد الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذى أُذيع للعالم كله، إلى جوار الهرم، كان للدلالة على إزالة جزء من طبقات الرمال حول هرم منكاورع بسبب وجود مدماكين من بناء الهرم، تم دفنهما تحت هذه الرمال.
وقد حاول المسؤولون فى وزارة السياحة والآثار وغيرهم من الخبراء الأثريين إزالة هذه الشكوك التى اجتاحت مواقع التواصل، والتى جعلت بعض الجمعيات الأثرية العربية والمصرية تحذر من المشروع، الذى سماه الدكتور مصطفى وزيرى فى فيديو الإعلان بـ«مشروع القرن»، حتى أصدر السيد أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، قرارًا وزاريًّا بتشكيل لجنة علمية عليا، برئاسة عالِم الآثار ووزير الآثار الأسبق، الدكتور زاهى حواس، وعضوية عدد من كبار العلماء المتخصصين فى الآثار، ولاسيما الأهرامات، والهندسة، من المصريين والأجانب، من الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية التشيك ودولة ألمانيا، لمراجعة المشروع.
وستقوم اللجنة، بعد الانتهاء من مراجعة المشروع، بإعداد تقرير علمى مفصل عن نتائج أعمالها، وما انتهت إليه المراجعة العلمية التى قاموا بها، واتخاذ قرار بشأن المضى قدمًا فى المشروع من عدمه، على أن يتضمن التقرير أيضًا جميع الإجراءات والخطوات الواجب اتباعها للتنسيق المطلوب مع منظمة اليونسكو.
أظن أن قرار الوزير هو الصواب عينه لأنه اعتمد على ألفاظ منضبطة، وعلى فكرة صحيحة، وهى إسناد الأمور للجان علمية، تتخذ قرارها فيما تراه صوابًا من الناحية العلمية لأننا فى النهاية بحاجة شديدة إلى كل مورد يسهم فى زيادة الدخل القومى لمصر، فما بالكم بالسياحة، وما بالكم بالهرم؟!، فنحن بحاجة إلى الهرم يا سادة!.