بقلم - عبد اللطيف المناوي
دعوت، أمس، إلى فتح حوار ونقاش علمى وحقيقى حول أحد السبل الاقتصادية التى أرى أنها قد تعبر بنا من أزمة- نحن لسنا سببًا فيها- بل كل ما يحدث فى العالم من متغيرات سواء قدرية مثل جائحة الكوفيد، أو بشرية مثل الحرب فى أوكرانيا، أو طبيعية مثل التغير المناخى.
وكنت قد ذكرت أن الاستثمار الأجنبى المباشر هو واحد من توجهات عديدة يمكن لها أن تقينا شرور ما يحدث حاليًا فى العالم. أما اليوم، فأستمر فى طرح بعض الأفكار الأخرى، وأود هنا أن أناقش مسألة «القوالب النمطية» فى طرح الرؤية التى يرى المسؤولون فى الحكومة أنها ستعبر بنا إلى بر الأمان، وهى قوالب قد لا يستوعبها الناس ولا الزمن، فى واقع الحال.
إن هدف تجاوز الأزمة الحالية هو الوصول بالمجتمع المصرى إلى حال يتمكن فيها المواطن من أن يعيش بأمان إنسانى واقتصادى واجتماعى وفكرى، وأن يحيا حياة كريمة بها الحد الأدنى من العدالة فى التوزيع، وهذه- فى النهاية- حالة تفاعل بين الناس والمسؤولين فى الدولة، وقد يرفضها الناس إذا شعروا أن الحلول التى تطرحها الحكومة مجرد قوالب نمطية. وهذا يعنى أن جميع مَن فى هذا الوطن لهم حق فى أن يشاركوا فى مسألة تجاوز هذه الأزمة، لا أن يتم التعامل معهم كمجرد مستمعين.
اقتصاديات عتيدة فى العالم تعانى الآن، ويكفى أن نتجول بين الصحف والمواقع الشهيرة على الإنترنت لنرى كيف أن الجميع يشكو، ولكن بعضهم يبتكر بعض الحلول البعيدة عن النمطية، وهو ما أدعو إليه هنا.
وأرى أيضًا أنه من الضرورى أن تبتعد الحكومة عن تبنى إجابات واضحة وقاطعة، وذلك حتى لا يفاجأ المواطن بنتائج مختلفة، قد تهز ثقته فى الحكومة، وهو أمر لابد أن يُراعى بشدة الرغبة فى تجاوز حقيقى للأزمة، فالمواطن الآن صار ينظر ويشارك ويتفاعل ويُبدى رأيه أحيانًا، ومسألة فرض طرق وإجابات نهائية عليه تبدو غير واقعية وغير مُحبَّبة.
الوضع الآن يُحتم علينا أن نطرح أفكارًا خارج الصندوق، وأن نستمع إلى رؤى الناس- كل بما يستطيع وبما يفكر- ونصيحتى للحكومة أن تُشرك المواطن فى عملية تجاوز الأزمة، مع ضرورة التفكير من جديد فيما طالبت به مرارًا وتكرارًا منذ فترة، وهو إنشاء أقسام لـ«إدارة الأزمات» فى كل وزارة، وهو أمر لا عيب فيه، ولا حرام.