بقلم - عبد اللطيف المناوي
من الملاحظ فى الفترة الأخيرة أن هناك موجات صعود لليمين المتطرف فى أوروبا، وأن هذه الموجات مستمرة، لم يقتصر صعود اليمين المتطرف فى منطقة بعينها بل تعدد ما بين شرق وغرب القارة وشمالها وجنوبها، فلم يتوقف الأمر عند دول الجنوب، خاصة المتوسطية التى تعانى من أزمات هيكلية، فسرها اليمين المتطرف على أنها نابعة من سياسات الهجرة، والبقاء فى الاتحاد الأوروبى، لكن فى دول مثل السويد وفنلندا اللتين تحققان أعلى معدلات رفاهية، صعد فيهما اليمين المتطرف كبديل للأحزاب المعتدلة.
ولم تعد تتوقف على أزمة اقتصادية أو انتشار وباء أو حرب، بل إن الحنين للقومية والبطولات التاريخية والاعتزاز بالقيم الثقافية التقليدية باتت عوامل متحكمة أيضًا فى المزاج العام لعديد من المجتمعات، وأصبح كل ما سبق عوامل داعمة لصعود اليمين المتطرف.
آخر الدول المرشحة لهذا الصعود هى إسبانيا التى تشهد انتخابات عامة الأحد المقبل، من المتوقع أن تكون امتدادًا لانتصارات اليمين وصعوده. وهو الصعود الذى ظهر فى العديد من الانتخابات فى عديد من الدول. وبدت مؤشرات هذا التقدم فى نتائج انتخابات مختلفة، كان تشكيل أول حكومة إيطالية يمينية متطرفة فى سبتمبر الماضى أحد ملامح هذا التطور.
هذا التحول نحو اليمين، بحدة، أدى إلى مزيد من التشدد بشأن الهجرة واللجوء، حيث تُعد قضية الهجرة واللجوء هى المكون الرئيسى لليمين المتطرف فى أوروبا. وحمّلت برامج وشعارات الأحزاب اليمينية مسؤولية التراجع الاقتصادى فى دولها لوجود لاجئين، أو بسبب خطط الاتحاد الأوروبى لتقسيم مسؤولية أعباء اللاجئين على دول أوروبا بنظام الحصص.
هذه الأجواء أدت إلى تصاعد العنف والعنصرية فى العديد من الدول الأوروبية. وليست الأجواء الملتهبة التى تمر بها أكثر من دولة أوروبية، آخرها فرنسا، إلا دلالة على ارتفاع حدة العنف والتعصب.
ويُعد سلوك التصويت العقابى أحد أهم مصادر قوة اليمين، حيث اللجوء إلى هذا النوع من التصويت كشكل لتحول الناخبين لممارسة ذلك الأسلوب العقابى تجاه تيار أو حركة أو حزب، ليس إيمانًا به بقدر ما هو عقاب لحزب آخر لم يلتزم ببرنامجه الانتخابى. وتجنى أحزاب اليمين المكاسب بسبب هذا الأسلوب العقابى.