بقلم - عبد اللطيف المناوي
انتهى مؤتمر cop28، الذى استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة باتفاق تاريخى، بعد مباحثات ماراثونية بين ممثلين لما يقرب من 200 دولة، وقد استمرت تلك المباحثات لمدة أسبوعين كاملين.
وقد نص الاتفاق- وهو الأول من نوعه- على التحول عن استخدام الوقود الأحفورى- بما يشمل النفط والفحم والغاز- فى أنظمة الطاقة بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة لتحقيق هدف «صفر انبعاثات» بحلول عام 2050. كما دعا إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة على مستوى العالم إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2030، وتسريع الجهود المبذولة للحد من استهلاك الفحم، وتسريع استخدام تقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه.
ومن بين بنود الاتفاق المهمة أيضًا التأكيد على أن الحلول المستدامة والعادلة لأزمة المناخ يجب أن تقوم على حوار مجتمعى هادف وفعال ومشاركة جميع أصحاب المصلحة، بما فى ذلك الشعوب الأصلية، والمجتمعات المحلية، والحكومات، والنساء، والشباب، والأطفال، حيث إن التحول العالمى إلى التنمية منخفضة الانبعاثات يوفر فرصًا وتحديات للتنمية المستدامة والقضاء على الفقر. الاتفاق التاريخى الذى وجد ترحيبًا عالميًّا ليس هو الإنجاز الوحيد الذى خرج به المؤتمر، بل إنه منذ اليوم الأول قد أقر إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار» من أجل تعويض الدول الأكثر تضررًا من آثار تغير المناخ، إضافة إلى التعهد بتوفير مليارات الدولارات لهذا الهدف. ولابد هنا أن أُثمن دور رئيس المؤتمر، سلطان الجابر، الذى استطاع أن يقود سفينة cop28 إلى بر الأمان، وذلك بعد أن نال هجومًا كبيرًا من البعض.
و«سلطان» لمَن لا يعرفه هو وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات، وقد تم اختياره ضمن قائمة أقوى 100 شخصية فى قطاع المناخ، من مجلة التايم. استطاع «الجابر»، رئيس شركة أدنوك، التى تُعد من كبرى الشركات المنتجة للبترول فى العالم، أن ينجو من الاتهامات التى وُجهت إليه منذ فترة، والتى كانت تتركز فى كونه رئيسًا لشركة بترول أبوظبى الوطنية (أدنوك)، وقد زعموا أنه كيف لرئيس شركة نفطية أن يترأس مؤتمرًا يدعو فى المقام الأول إلى الحد من استخدام البترول!، كما طالت الاتهامات الإمارات ذاتها، باعتبارها دولة نفطية، إلا أن ما حدث هو العكس تمامًا، فقد اتخذ «الجابر» نهجًا مختلفًا عن الرؤساء السابقين فى مؤتمرات المناخ، إذ وجّه الدعوة إلى شركات النفط والغاز، وأعطى الأولوية للحلول المناخية فى شركات القطاع الخاص.
إحساس الانتصار الذى ارتسم على ملامح «الجابر»، بعد الوصول إلى الاتفاق التاريخى، يشير إلى كذب الاتهامات، بل يشير إلى ما هو أكبر وأعمق، فى أن الإمارات فعلًا قد دخلت مرحلة الاقتصاد التعددى، لا اقتصاد قائم على النفط فقط. فى السنة المقبلة سيُقام COP29 فى أذربيجان، ومن بعدها البرازيل، وأظن أنه لو أن دول العالم التزمت بالاتفاق التاريخى وبمجمل التعهدات المالية لأصبح للأرض وللأجيال القادمة مستقبل مختلف، أكثر رخاءً، وأقل فى الأزمات المناخية.