بقلم - عبد اللطيف المناوي
انتهت الانتخابات الرئاسية، التى استمرت على مدار 3 أيام داخل مصر، وقد ظهرت خلال تلك الأيام أحد مكونات الشخصية المصرية، وهو مكوِّن الرغبة فى الاستقرار والتماسك والاتحاد فى مواجهة التحديات والأزمات.
انتهت الانتخابات، وأيًا كان الفائز وبأى نسبة، وأيًا كانت نسب التصويت، فالمشهد الذى رأيناه هو جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية، لا تستطيع أن تفصله عن تاريخها الممتد عبر آلاف السنوات، وحاضرها، بل ومستقبلها أيضًا. لهذا أرى وبعد انتهاء عملية التصويت وبداية الفرز أن يتوجه كلٌ إلى عمله ومكانه، متسلحًا بقوة هذا الشعب وبتماسكه الشديد فى اللحظات الفارقة، وبرغبته القوية فى الحياة.
فمصر خلال الفترة الحالية تواجه كثيرًا من التحديات ذكرتها فى مقال سابق، منها التحدى الاقتصادى والأمنى وغيرها، وأتصور أن السلطة المنتخبة سوف تراهن من جديد على ذكاء المصريين ووعيهم الكبير فى إدراك المخاطر التى تواجه بلدهم، والتى ربما رأوها بأعينهم وسمعوها بآذانهم لأول مرة.
فمسألة تهجير الفلسطينيين وإقامة وطن بديل لهم فى سيناء، خرجت لأول مرة من كونها فكرة يعرضها بعض الساسة الإسرائيليين والأمريكيين فى الخفاء والجلسات المغلقة، إلى أن صارت على أفواههم، يطالبون بها على الملأ، وهو ما رفضته مصر بكل قوة، حتى إن الرئيس السيسى رد التصريح أو التلميح بتصريح واضح ومحدد برفضه للفكرة، كونها ستؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وحتى لو تم طرح الفكرة من جديد فى الفترة المقبلة مع إصرار إسرائيل على العدوان المستمر الهمجى، فإن مصر سترد بأقوى مما ردت، متسلحة بالدعم الشعبى لقرارات سلطته، وأبرز دليل لها ما ظهر فى الانتخابات.
الأزمة الاقتصادية كذلك، وإن كانت تحتاج إلى حلول أكثر صرامة وابتكارًا وتغييرا فى التركيبة الذهنية لمتخذ القرار، لكنى على ثقة أنه سيتم تداركها سريعًا، والتصريحات الخارجية تشير إلى اقتراب إبرام الكثير من اتفاقيات التعاون والعمل فى مجال الاستثمار، من شأنه أن تتحرك الأمور فى الاتجاه الإيجابى، لا سيما مع إدراك الجهات المستثمرة حجم الدعم الشعبى للسياسات المتبعة فى هذا الجانب، وإن كانت تحتاج كما قلت إلى صرامة وابتكار أكثر.
لقد أدرك العالم أن مصر بلد محورى لا بديل إلا أن يكون قويًا، لقد أدركوا أن رياح الاضطرابات التى تحيط بمصر من الشرق والغرب والجنوب لا تؤثر فيها، لقد أدركوا قوة هذا الشعب فى اتحاده، فقد نريد نحن أن ندرك ذلك، وأن نؤمن بذلك، وأن نذهب إلى أعمالنا ومصالحنا بكل قوة ويقظة ورغبة فى الابتكار من أجل بناء مستقبلنا.
المشهد الذى رأيناه لابد أن نحرص جميعًا على اتخاذه سلاحًا قويًا فى معركة بناء المستقبل.