بقلم - عبد اللطيف المناوي
على مساحة تبلغ فقط 1.4 كيلومتر مربع يعيش أكثر من 116 ألف لاجئ في مخيم جباليا. عندما أنشأته وكالة «أونروا» عام 1948 كان بداية لقصة ممتدة من مزيج من التفاصيل الإنسانية الصغيرة شكلت مجتمعًا بمواصفات خاصة، وخلال العقود الماضية تفاعل المخيم مع أحداث المنطقة وأحداث فلسطين.
كان واحدا من بين مخيمات ثمانية بنتها الأونروا في ذلك الوقت وهو الأكبر. وبسبب مساحته المحدودة فهو يُعد بذلك من أكثر المناطق بقطاع غزة اكتظاظًا بالسكان. يقع على مسافة كيلومتر عن الطريق الرئيسى (غزة ـ يافا).
تحد المخيم من الغرب والجنوب قريتا جباليا (التى حمل اسمها)، والنزلة، ومن الشمال قرية بيت لاهيا، ومن الشرق بساتين الحمضيات التابعة لحدود مجلس قروى جباليا، النزلة، وبيت لاهيا. واستقر 35 ألف لاجئ في المخيم، في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، معظمهم كانوا قد هجِّروا من القرى الواقعة جنوب فلسطين. كان عدد سكان جباليا نفسها قرابة 1800 فرد فقط في 1922 وصل العدد في 1980 إلى 5 آلاف نسمة، بخلاف أكثر من 50 ألفًا لجأوا إلى مخيم جباليا.
وفى 2007 بلغ إجمالى السكان ما يزيد على 120 ألف فرد. هذه الكثافة السكانية الضخمة تبرّر الاتساع المطرد في حجم المخيم منذ نشأته، حتى بات اليوم يُصنّف باعتباره أكبر مخيم فلسطينى في الداخل.
نفّذت إسرائيل خلال الأيام الماضية غارة جوية ضد المخيم الواقع شمالى قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 400 شخص، مجزرة جديدة ويبدو أنها لن تكون الأخيرة. وعلى إثر الغارة أصبح مخيم جباليا حديث العالم. وتتالت كالعادة مؤخرا ردود الفعل المستنكرة، وبررت تل أبيب غارتها باستهداف أحد قيادات حماس هو إبراهيم بيارى قائد كتيبة وسط جباليا في حماس.
وهذه هي المرة الثالثة التي ترتكب فيها إسرائيل مذبحة مروعة في المخيم من أجل استهداف شخص واحد، فلقد سبق أن ارتكبت إسرائيل مذبحتين كبيرتين في المخيم واحدة عند اغتيال قائد كتائب عز الدين القسام صلاح شحادة 2002 والثانية عند اغتيال القيادى البارز بالحركة نزار ريان 2009. وتسبب الحصار الممتد على غزة في جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لجميع اللاجئين في المخيم تقريبًا. وارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير وقليل من العائلات تستطيع إعالة نفسها.
وعلى مدار السنين، هناك نسبة كبيرة من السكان، ممن كانوا قادرين على إعالة أنفسهم، أصبحوا يعتمدون على المساعدات الغذائية والنقدية التي تقدمها الأونروا لتغطية احتياجات الغذاء الأساسية. و90% من المياه غير صالحة للاستهلاك البشرى.هذه الأجواء كانت مناسبة طيلة هذه السنوات، نجح التيار الإسلامى في الانتشار داخل المخيم، حتى قبل تأسيس حركة حماس.
في عام 1987، انطلقت «الانتفاضة الأولى» من مخيم جباليا عقب إقدام سائق شاحنة إسرائيلى على صدم 4 عمال فلسطينيين وقتلهم، ما أدّى إلى موجة غضب عارمة بدأت في المخيم ثم عمّت مختلف المدن.
ومازال المخيم قائمًا.