بقلم - عبد اللطيف المناوي
مع الحرب الروسية - الأوكرانية، بدأت واشنطن وموسكو البحث فى ملفاتهما القديمة، وخريطة تحالفات كل منهما، سواء كانت المرسومة سلفًا أو المستقبلية، من أجل جذب عدد أكبر من المساندين.
الرئيس الأمريكى جو بايدن خلال الفترة الأخيرة أدرك أهمية التواجد فى القارة السمراء، حيث أعلن استضافة بلاده القمة الأمريكية- الإفريقية الثانية فى واشنطن من 13 إلى 15 ديسمبر المقبل، فى إشارة واضحة للتغيرات التى تشهدها الاستراتيجية الأمريكية تجاه القارة الإفريقية فى ظل إدارة البيت الأبيض الحالية، والتى يُضاف إليها قيام وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، بزيارة عدد من الدول، ومنها السنغال وكينيا ونيجيريا، فى نهاية نوفمبر الماضى.
وتسعى أمريكا كذلك لتخفيف حدة التوترات فى القارة بين الكونغو ورواندا بشأن دعم الأخيرة حركة «23 مارس» المتمردة، فضلًا عن زيارة رئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سامانثا باور، الصومال خلال الفترة الماضية، هذا غير مبادرة «ازدهار إفريقيا» التى أعلن عنها بايدن من خلال طلبه 80 مليون دولار من الكونجرس لتعزيز التجارة والاستثمار بين واشنطن وإفريقيا.
كما تم تمديد قانون النمو والفرص فى إفريقيا حتى عام 2025، وهو القانون الذى يمنح البلدان الإفريقية إعفاءً جمركيًا لحوالى 6500 منتج إلى الولايات المتحدة، مع منح أكثر من 50 مليون جرعة من لقاحات فيروس كورونا إلى 43 دولة إفريقية.
وتسعى إدارة بايدن كذلك لتعزيز النفوذ الأمريكى العسكرى بالقارة من خلال تمركز حوالى 6500 جندى أمريكى، وذلك لتدريب القوات المحلية للدول الحليفة، سعيًا للقيام بعدد من المهام الأمنية، على غرار مكافحة الإرهاب.
التوجه الأمريكى نحو القارة الإفريقية ربما يعطى دلالة لمحاولات واشنطن المستمرة من أجل عزل روسيا دبلوماسيًا واقتصاديًا، والتى تؤكد الشواهد فشلها حتى الآن.
وتحاول أمريكا مواجهة النفوذ الروسى والصينى فى إفريقيا، والعودة للقارة بعد سنوات من التهميش التى اتبعها سلفه دونالد ترامب، الذى تجاهل القارة كساحة للتنافس الدولى بين القوى العالمية والإقليمية.
إفريقيا صارت دار نزاع بين أمريكا وروسيا، التى زاد حجم التبادل التجارى بينها وبين الدول الإفريقية بأكثر من 34% منذ بداية عام 2022.
كما صارت دار نزاع مع الصين التى تزايدت العلاقات الوثيقة بينها وبين إفريقيا فى السنوات الأخيرة، إذ إنها أصبحت أكبر شريك تجارى لإفريقيا، إضافة إلى عقد منتدى التعاون الصينى- الإفريقى، قريبًا.
إفريقيا أرض خصبة، وزادت أهميتها بسبب أزمة الغذاء العالمية التى تؤثر على جميع الدول، إذ تمتلك القارة موارد طبيعية ومساحات واسعة وأراضى خصبة صالحة للزراعة والاستثمار، إضافة إلى ثروات الغاز الكبيرة.
الرجل الأبيض يسعى لإعادة التاريخ القريب من جديد، عندما كان يبحث عما يكفيه فى الدول الفقيرة والأراضى المليئة بالثروات. فهل يعيد التاريخ نفسه فعلًا؟