بقلم:عبد اللطيف المناوي
هل تفتح روسيا شهية دول أخرى لاستعادة ما تعتقد هذه الدول أنها فقدته من سيطرة على أراضٍ وأقاليم على مدار العقود الماضية لأسباب مختلفة؟
ثار هذا السؤال بشدة عندما توترت الأوضاع بين صربيا وكوسوفو خلال الأسبوع الماضى، واشتدت النبرة بين الصين وتايوان، وبدا الأمر وكأن كلًا تراوده نفسه لاستغلال الموقف لإصلاح «أخطاء» أو «هزائم» الماضى.
الحرب الروسية- الأوكرانية لم تؤثر فقط على الأوضاع الاقتصادية والمعادلات السياسية العالمية، بل إنها أخرجت إلى النور إمكانية تكرار هذا السيناريو العسكرى بين الصين وتايوان، أو صربيا وكوسوفو، فى ظل تصاعد التوترات بين هذه الثنائيات.
وأيًا ما كانت سيناريوهات تنفيذ هذه الاحتمالية فالأكيد أن أى حربٍ بين الصين وتايوان سيكون لها تأثير مُدمر على الاقتصاد العالمى، وأن أى تدخل صربى مباشر فى كوسوفو سوف يعنى كثيرًا من الزيت على النيران المشتعلة بالفعل فى أوروبا.
وفى إطار تخيل ما يمكن أن يحدث للعالم إذا ما وقعت حرب صينية- تايوانية، فإننى سأشير هنا إلى ما يمكن أن يدفعه العالم من ثمن اقتصادى.
الإجراء الأول المتوقع سيكون فرض عقوبات اقتصادية على الصين، وستكون واردات بكين من الطاقة أول بنود العقوبات، ولكن العقوبات الاقتصادية هنا ستكون سلاحًا ذا حدين، إذ تسيطر الصين على أكثر من 18% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام الماضى، خلف الولايات المتحدة البالغة حصتها 23.8%.
فكيف سيكون الوضع إذا ما تم فرض عقوبات اقتصادية على الصين، وقد شاهدنا ماذا حدث للعالم أجمع جراء العقوبات على روسيا التى تمتلك أكثر من 3% فقط من الناتج المحلى الإجمالى!.
كيف سيكون حال الاقتصاد العالمى إذا ما وقعت عقوبات اقتصادية على الصين التى هى أكبر سوق تصدير لمعظم دول العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، وهى أكبر دائن منفرد فى العالم مع امتلاكها قروضًا مُستحقة على دول أخرى بقيمة 5 تريليونات دولار.
تبعات حرب صينية- تايوانية ستُنذر بكارثة تكنولوجية، إذ ستتوقف تمامًا إمدادات تايوان من الرقائق الإلكترونية، والتى تعد المورد الرئيسى لها فى العالم، حيث تشارك بحصة تصل إلى 90% من إجمالى الطلب العالمى من الرقائق الإلكترونية، والتى تعتبر مُكونًا رئيسيًا لجميع الصناعات الإلكترونية تقريبًا، من التليفونات المحمولة وحتى الطائرات المقاتلة.
وتشير التقديرات إلى أن انقطاع إمدادات الرقائق الإلكترونية التايوانية لمدة عام واحد فقط سيُكلف شركات التكنولوجيا العالمية ما يقرب من 600 مليار دولار!.
على أى حال، وفى إطار كل السيناريوهات، وفى ظل تراجع حاد فى معدلات التجارة والاستثمار فى العالم، الوضع سيكون أسوأ بكثير من المتوقع، ستتفاقم أزمات نقص السلع والتضخم، لما تملكه الصين من هيمنة كبيرة على سلاسل التصنيع والتوريد لمعظم السلع الاستهلاكية فى العالم.
لو وقعت الحرب فهى كارثة، لذلك يجب أن تُمنع هذه الحرب.