توقيت القاهرة المحلي 12:42:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علاقات معقدة

  مصر اليوم -

علاقات معقدة

بقلم - عبد اللطيف المناوي

تتسم بعض العلاقات بين البشر بالتعقيد الشديد، والتى ربما لا تكون نتيجة خلافات فى المواقف، بل فى العقيدة الفكرية التى يؤمن بها كل طرف، ومهما كانت محاولات التقريب، فإنها تنتهى فى أنجح الأحوال إلى جمود، ولكنها فى العادة تفضى إلى صدام، فتستمر العلاقة المعقدة.

هذه هى علاقات البشر، فما بالنا بعلاقات الدول. وهنا أتحدث عن علاقة إيران وإسرائيل التى تتسم بالتعقيد منذ 45 عامًا، وتحديدًا منذ انطلاق الثورة الإيرانية فى 1979، حيث أصبحت طهران وتل أبيب عدوين، رغم أنهما لا يشتركان فى حدود (تبعدان أكثر من 1610 كيلومترات) أو نزاعات إقليمية مباشرة.

الغريب أن العلاقة بين الطرفين ما قبل ثورة الخومينى كانت متباينة، فطهران عارضت تأسيس دولة إسرائيل فى 1948، لكنها اعترفت بها بعد سنتين فقط، وتحديدًا فى عهد الشاه محمد رضا بهلوى، الذى جمعته علاقات وثيقة بأمريكا وبريطانيا، أكبر داعمى إسرائيل تاريخيًا، كما ازدهر التعاون الاقتصادى والسياسى بين البلدين فى ظل أوج الصراع العربى الإسرائيلى خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضى.

لقد كان اندلاع الثورة الإيرانية مفصليًا فى العلاقة، حيث أفضى إلى ظهور نظام فى طهران مناهض بشدة للصهيونية، فقطع العلاقات مع إسرائيل، وحوّل مقر السفارة الإسرائيلية فى طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فيما كان الخطاب الدبلوماسى الثورى واضحًا فى عدائه، حيث كان يصف دائمًا تل أبيب باعتبارها الشيطان الأصغر، كما ظلت نبرة «نسف إسرائيل» حاضرة طوال فترة الثمانينيات.

ورغم ما تقوله صحيفة «تليجراف» البريطانية عن صفقة أسلحة أبرمها نظام الخومينى مع إسرائيل أثناء حرب إيران والعراق، ورغم وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى المُغتال، إسحاق رابين، إيران، بأنها واحدة من أفضل أصدقاء إسرائيل، إلا أن العداء استمر وتحول فى مطلع الألفية إلى ما سُمى «حروب الوكالة»، والتى من خلالها نمّت إيران بعض الأحزاب والحركات فى الدول العربية وساعدتها فى التمويل والتسليح، ولا يخفى على أحد أن «حزب الله» و«جماعة الحوثى» ومؤخرًا «حركة حماس» هى أذرع إيرانية، تنفذ سياساتها، وتقوم بالمواجهة مع إسرائيل بالنيابة عنها.

فى هذا الوقت، سعت إيران لامتلاك سلاح نووى، مثل إسرائيل التى ضغطت بكل ما تمتلكه من علاقات ومحبة من الولايات المتحدة لمنع طهران من امتلاك النووى، ما أفضى إلى إبرام اتفاق إيرانى أمريكى غربى بشأن البرنامج النووى فى طهران، لتهدئة مخاوف تل أبيب، لكن انسحاب ترامب من الاتفاق أشعل الصراع مجددًا، وجعل إسرائيل تشتبك مع إيران باغتيال كبار المسؤولين الإيرانيين، وخصوصًا رجال الحرس الثورى والعلماء. وأظن أن هجوم 7 أكتوبر الذى شنته حماس كان جزءًا من الرد الإيرانى على سلسلة الاغتيالات تلك، وهو الهجوم الذى تعيش المنطقة فى آثاره حتى اليوم.

ثمة خطر حقيقى يحدق بالمنطقة بسبب هذه العلاقة المعقدة، والتى يمارس فيها الطرفان أفعالًا تتسم دائمًا بسوء التقدير، لنعيش على خلفية ردود مستمرة بين الجانبين، لا نعرف متى ستنتهى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علاقات معقدة علاقات معقدة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon