بقلم - عبد اللطيف المناوي
قد يكون مروان البرغوثى، الأسير الفلسطينى فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، هو الورقة الأخيرة التى تتمسك بها حماس، وترفضها تل أبيب، لتأسيس وضع جديد فى الأراضى المحتلة، يقوم على الإفراج عن «مروان»، ومن ثم وصوله إلى رأس السلطة الفلسطينية.
ولكن يظل «مروان» فى وجهة نظر كثير من الدوائر الإسرائيلية شخصًا غير مرغوب فيه خارج السجن، هم يعتبرونه العدو الأشرس لهم، لأنه الشخص التنظيمى الوحيد، الذى ينتمى إلى حركة فتح، بهذه العقلية المنظمة من جانب، وهذه القدرة على إيقاظ الشعور الوطنى من جانب آخر، فكانوا قبل القبض عليه يعتبرونه المُحرّض الأول على انتفاضة الأقصى، التى بدأت منذ أكثر من عشرين عامًا واستمرت فى موجات شديدة من الصعود والهبوط.
«مروان» هو الورقة الأخيرة لدى حماس، فخروجه من السجن بالنسبة لهم مخرج كبير، حينها سيحاولون تقديمه باعتباره أحد انتصارات الحرب الدائرة الآن، غير عابئين بآلاف القتلى من نساء وأطفال وعجائز، وملايين المشردين والنازحين، وبُنى تحتية تحتاج إلى عشرات السنين حتى تعود إلى سابق عهدها. سيحاولون تقديمه باعتباره البطل الذى نجحوا فى تحريره، وباعتباره إحدى نتائج هجوم السابع من أكتوبر، الذى مازلت مُصرًا على أنه أكثر القرارات غير المدروسة فى تاريخ الحركة، بل فى تاريخ الصراع العربى- الإسرائيلى كله.
«مروان» هو الورقة الأخيرة أيضًا فى يد إسرائيل، فقد نشرت «فاينانشيال تايمز» مؤخرًا تقريرًا نسبت فيه لمسؤول إسرائيلى، شارك فى القبض على «مروان»، وصفه الأسير الفلسطينى بأنه أهم الأوراق على الإطلاق، وأن إطلاق سراحه سيكون مكلفًا للغاية من الناحية السياسية، حيث يُنظر إليه على أنه «القشة التى قد تقصم ظهر البعير»، فعندما لا توجد خيارات أخرى لدى القيادة الإسرائيلية لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس فإنها ستلجأ له.
ووفقًا لهذا التصريح، فإن إسرائيل ترى الإفراج عن «مروان» ورقة أخيرة لإنقاذ رهائنها، لكنه الورقة الأخيرة التى سيرميها نتنياهو، أو بمعنى أدق، راية استسلامه بعد شهور من الحرب. نعم، نجح خلالها أن يسوى قطاع غزة بالأرض، وأن يجتاحه بشكل كامل، لكنه لم يستطع حتى هذه اللحظة تحرير الرهائن من قبضة حماس.
وكذلك يرى وزير الأمن القومى الإسرائيلى المتطرف، بن غفير، تلك الصفقة- إن تمت- بأنها صفقة متهورة، حتى لو لم يسمِ «مروان» بالاسم، مؤكدًا أنه لن يسمح هو ولا حلفاؤه فى الحكومة بأن تقوم تل أبيب بالإفراج عن سجناء خاضعين لإجراءات أمنية مشددة، مثل ما يحدث مع «مروان».
ورقة «مروان» التى فى يد هؤلاء ويد هؤلاء تبدو الأخيرة فعلاً، وستختلف الأمور بعدها، إن حدثت. ولا أبالغ فى القول إنها الورقة الأخيرة أيضًا فى يد العرب، خصوصًا الوسطاء، فـ«مروان»- بما رأيناه منه وقت الانتفاضة- شخص مؤثر يُعتمد عليه، سواء فى التفاوض أو فى الحركية المؤسسية. فهل تخرج الورقة الأخيرة إلى النور قريبًا؟