بقلم - عبد اللطيف المناوي
هل انتهت الاضطرابات السياسية فى الكويت بإعلان أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر، حل مجلس الأمة، أم أن تلك الاضطرابات قد بدأت فصلًا جديدًا؟.
القرار (المفاجئ للبعض، والمتوقع للمراقبين) أحدث صخبًا سياسيًا كبيرًا فى الأوساط الكويتية، كما كان له صدى كبير فى الوطن العربى. ما كانت تشهده الكويت من أزمات بعد الانتخابات الأخيرة، كان موضع اهتمام رئيسى لدى كثيرين، سواء كانوا مواطنين أو مراقبين، إذ راقبت الأغلبية (بصمت) ما يحدث، مع حرص على معرفة التطورات الجديدة. البعض توقع أن يتم حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة، القليل توقع ما هو أكثر من مجرد حل المجلس، وهو ما حدث بالفعل!.
بدا واضحا أن الحلول القديمة لم تعد مفيدة للخروج من هذه الأزمة، وكان لا بد من إصلاح آليات الديمقراطية كخطوة سياسية لاحتواء التغيرات الاجتماعية، ومعالجة عيوب قانون الانتخاب القائم التى تجلت بعد التجربة، مثل تعديل الدوائر الانتخابية، وتوفير تمثيل عادل للمرأة فى العمل السياسى، وتجريم حقيقى للمال السياسى وشراء الأصوات، وإيجاد نظام انتخابى جديد يضمن تمثيلًا حقيقيًا بعيدًا عن الطائفية والروابط الأسرية والقبلية.
بدا واضحًا أن ترك الأمور كما هى لن يؤدى إلى تقدم، وكلما طالت فترة التوتر زاد عدم الاستقرار الذى قد تواجهه الكويت، ما يؤثر سلبا على الاقتصاد والمجتمع، ويضر بالسلامة الوطنية.
فى كلمته التى بثها التلفزيون المحلى قال أمير البلاد: «أمرنا بحلّ مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على 4 سنوات، تتم خلالها دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية»، لافتا إلى أن بلاده مرت خلال الفترة الماضية بأوقات صعبة كان لها انعكاساتها على جميع الأصعدة، ما خلق واقعًا سلبيًا.
الأمير أكد أن هذا القرار جاء بعد ما سمّاه «تمادٍ إلى حدود لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها»، حيث سعى البعض إلى التدخل فى اختيار ولى العهد، وهو حق خاص بالأمير، بل إن بعضهم حاولوا فرض إملاءات وشروط للدخول فى الحكومة، وهو ما منع الأخيرة من إكمال تشكيلها.
توعد الأمير بمحاسبة المخطئين فى كافة المجالات، وأن من نال من المال العام سينال عقابه، أيًا كان موقعه أو صفته، مؤكدًا أن الفساد وصل إلى أغلب مرافق الدولة، وحتى المؤسسات الأمنية.
نعم، التجربة الديمقراطية فى الكويت ولدت هناك وبأيادٍ كويتية وعقول تحب بلادها، لكن بمرور الوقت اختزل بعض (المنتفعين) تلك التجربة فى صناديق الانتخابات فقط، دون العمل على إصلاح فساد المؤسسات، وطرح برامج مختلفة لتعديل المسار، الذى يتطلب تدخلًا أميريًا كل فترة. لهذا قد يكون الأمل فى القرار الأخير، لبدء عملية سياسية ديمقراطية إصلاحية حقيقية ومكتملة، هنا فعلًا نستطيع القول إن الاضطرابات فى الكويت قد انتهت، لكنه لو كان تمهيدًا لترميم المشهد، فإن الاضطرابات قد تهدأ لفترة، لكنها سرعان ما تبدأ فصلًا جديدًا فى الكويت.