توقيت القاهرة المحلي 00:11:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكوارث من رحم الفساد

  مصر اليوم -

الكوارث من رحم الفساد

بقلم - عبد اللطيف المناوي

هرب الليبيون من الشاطئ خوفا من أمواج البحر المتوقعة نتيجة العاصفة؛ ليموتوا ضحايا لفساد صغير متراكم، تسبب في هدم السدود التي غدرت بهم وكان مفترضًا فيها أن تحميهم وتحمى مدينتهم.

انتهت العاصفة ومات من مات، وفُقد من فُقد، ومازال عدّاد الموت يتزايد.

انقشعت العاصفة لكن كشفت فسادًا بدا طوال الوقت صغيرًا ومسكوتًا عنه، وحاولت أطراف صرف النظر عنه في أعقاب الكارثة، لكن حجم المأساة أكبر من غض الطرف عنها.

السؤال الكبير الآن في ليبيا هو: هل كان من الممكن الحد من أعداد الضحايا الهائلة، لو كان هناك حرص وعناية يتمثلان في صيانة السدين المشؤومين اللذين تسببا بنسبة كبيرة في مقتل الآلاف، بدلًا من الصمت عن فساد ضياع أموال الصيانة؟.

«إذا ثبت تقصير قد ارتُكب من قبل المسؤولين عن هذه السدود (...) فسوف تباشر النيابة العامة كافة الإجراءات القانونية»، هذا تصريح لأحد المسؤولين الليبيين، لا يهم الآن اسمه، لأنه متكرر على ألسنة الأطراف المتنافسة التي لم تنجح الكارثة في أن توحدها حتى الآن، حتى لو خرج العشرات وقالوا غير ذلك.

فكل طرف- للأسف- يحاول أن يحقق الانتصارات السياسية الصغيرة على جثث الضحايا.

يوجد في ليبيا ستة عشر سدًا مائيًا موزعة على مدن مختلفة في شرق البلاد وغربها، تعرض معظمها للتخريب والإهمال وسرقة المضخات منذ العام 2011، وهو العام «كلمة السر».

صحيح أن الإهمال والفساد كان سابقًا، إلا أنه منذ هذا العام بدأ مسلسل استشراء الفساد والتهاون الكبير حتى بأرواح الناس. ليس الفساد سرقة أموال، لكنه أيضًا يشمل تجاهل البحث العلمى الذي دائمًا ما يحذر من خطورة الأوضاع، ولكن لا يُسمع له.

لقد أشارت ورقات بحثية نشرها متخصصون خلال السنوات الماضية، إلى تعطل غالبية شبكات المياه المرتبطة بالسدود منذ قرابة 15 عاما، في ظل غياب أعمال الصيانة الدورية. وأشار تقرير لديوان المحاسبة الليبى عام 2021 إلى صرف ميزانيات منذ عام 2007 لصيانة السدود، منها ميزانية مخصصة لـ«سد درنة»، إلا أن تلك الميزانيات صُرفت دون أن يتم إنجاز الغرض منها مع «مماطلة» المسؤولين، كما أشار التقرير.

والآن وبعد مقتل وفقدان الآلاف جراء انهيار السدود، أعلنت إحدى «حكومات» ليبيا تشكيل لجنة للتحقيق، وتقصى أسباب عدم صيانة السدود، وسرقة المضخات والمعدات طيلة السنوات الماضية.

بنت السدين شركة يوغوسلافية في سبعينيات القرن الماضى، لحبس مياه السيول في الوادى الذي يشق وسط درنة، وظهر أول التشققات عام 1998، وفى عام 2007 كلف نظام العقيد الراحل معمر القذافى شركة تركية بأعمال الإصلاح في السدين، وبسبب عدم توفير الأموال، بدأت الشركة أعمالها في أكتوبر 2010، قبل أن تتوقف بعد أقل من 5 أشهر، عقب أحداث 2011 التي أطاحت بالقذافى، ومنذ ذلك الحين، تُخصص ميزانية لإصلاح السدين كل عام، لكن لم تباشر أي من «الحكومات» العمل.

قد تكون المبالغ التي امتدت لها أيادى الفساد صغيرة مقارنة بموازنة دولة، لكن هذا الفساد الصغير في دولة انشغل من وضعوا أنفسهم في مواقع القيادة، حقًا أو وهمًا، بصراعاتهم وأهدافهم المحدودة قصيرة النظر، وتركوا الفساد الصغير ينتشر ويكبر، ليدفع ثمنه بسطاء البلاد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكوارث من رحم الفساد الكوارث من رحم الفساد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon