بقلم - عبد اللطيف المناوي
هل يمكن أن يأتى أي شىء جيد من هذه الحرب بين حماس وإسرائيل؟
هل هذا الوضع المتفجر يمكن أن يمثل فرصة للسلام، مثلما تحولت حرب أكتوبر إلى فرصة انتهت باتفاق سلام بين القاهرة وتل أبيب؟
سؤالان في غاية الأهمية، والإجابة عنهما ليست في يد أحد سوى الأطراف المتحاربة، والمجتمع الدولى الذي تتغير خريطته كل فترة.
ولكن فرصة سلام كهذه من الممكن أن تتحطم أمام جدار إحساس كل طرف بتحقيق النصر، فحماس تشعر بالنصر لأنها نجحت في تنفيذ عملية نوعية بالغة الدقة داخل المستوطنات الإسرائيلية، وإسرائيل هي الأخرى تشعر بالنصر لأنها تنفذ الآن أكبر عملية دك وقصف وربما غزو لقطاع غزة.
ومثلما قد تتحطم فرصة التسوية والسلام أمام هذا الشعور، أيضًا قد يتمكن الطرفان بمساعدة أطراف سياسية عالمية من خلق تسوية شاملة. ولكن، هل حماس يمكن أن تكون شريكًا لسلام آمن مع إسرائيل؟ والسؤال أيضًا معكوس: هل إسرائيل يمكن أن تكون شريكًا آمنًا لسلام مع حماس؟
أقول هنا إن الطرفين حظيا بفرص متعددة لإثبات حسن النوايا، حماس كانت لديها في السابق مسؤوليات الحكم في غزة لتثبت جدارتها، وتنفى عنها أنها ليست أكثر من مافيا إسلامية فلسطينية، لا يهمها سوى إحكام قبضتها على قطعة أرض.
لكن يبدو أنها تعمل بمثابة مخلب قط لإيران، بدلًا من جعل هدفها الرئيسى صناعة مستقبل جديد للفلسطينيين بالمشاركة مع شركائهم في رام الله.
أما إسرائيل فكان لديها العديد من الفرص لإثبات حسن النوايا، ولكن حدّث ولا حرج في مسألة وأد أي محاولة للوصول إلى سلام شامل ودائم، ويكفى تصرفات بعض وزرائها المستفزة لخلق حالة من الاحتقان المستمر، فالدولة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الأكبر لانفجار الأوضاع في المنطقة.
وعملية «طوفان الأقصى» كانت النتيجة الوحيدة المتوقعة للوضع غير المستقر في الأراضى المحتلة، وكذلك لفرص السلام المهدرة تباعًا من الجانبين، بسبب طبيعتهما الساعية دائمًا للاستحواذ على الأرض، وكذلك عدم الوثوق في الشركاء الدوليين الذين يناشدون كل الأطراف للتروى والوصول إلى نقطة سلام شامل. من الغريب أن يتوقع أي عاقل نتيجة غير الانفجار. ومن الغريب أيضًا أن يتوقع أحد سلامًا بين جانبين كحماس وإسرائيل بنهجهما الحالى. سؤال آخر ربما يكون مشروعًا طرحه الآن، يخص سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير التي تتبنَّاها الدول الغربية، لاسيما أمريكا، وموقفها المتخاذل وصمتها إزاء الممارسات الإسرائيلية وانتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين، ودعمها المطلق لسلطة الاحتلال، وإعاقة أي جهود تستهدف قبول فلسطين عضوًا كامل العضوية في منظمة الأمم المتحدة. هل سياسة كهذه من المنتظر أن ترعى سلامًا؟
كيف ننتظر سلامًا ومنهج واشنطن هو حرمان الشعب الفلسطينى من أي أفق سياسى جاد لتسوية الصراع الذي طال أمده، وبدلًا من التعاطى بإنصافٍ مع الحقوق الفلسطينية المشروعة، رفعت العواصم الأوروبية والأمريكية صور العلم الإسرائيلى فوق معالمها الرئيسية.
فرص السلام قد تكون متضائلة، إلا أنه قد يحدث شرط أن يتخلى الجميع عن منهجه الذي يتبعه في الفترة الأخيرة.