بقلم - عبد اللطيف المناوي
ذكرت أمس أن البطيخة صارت رمزًا للعلم الفلسطينى بسبب المضايقات الكبيرة التي تمارسها السلطات في العالم على من يحمل العلم الفلسطينى ذا الأربعة ألوان (الأحمر والأبيض والأسود والأخضر)، وكذلك الرقابة الشديدة والحصار المطبق الذي تمارسه سلطات مواقع التواصل الاجتماعى على من يحاول نقل الصورة أو حتى التضامن مع الفلسطينيين بمنشور أو بصورة.
وتدليلًا على هذا فقد اتهمت جماعات المجتمع المدنى أمانة المناخ، التابعة للأمم المتحدة، بمراقبة تصرفاتها وتعبيراتها عن التضامن مع فلسطين في قمة المناخ «Cop 28» في دبى، حيث أفاد مسؤولون من منظمات «War on Want» أن النشطاء تعرضوا للتهديد من مسؤولى الأمم المتحدة بالإبعاد عن القمة لارتدائهم الكوفية أو شارات مؤيدة لفلسطين داخل المنطقة الزرقاء بمركز المؤتمرات، وهى أحد الأماكن المخصصة للاحتجاج. حيث تتولى الأمم المتحدة إدارة تلك المنطقة الزرقاء، وبالتالى تخضع للوائح اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
النشطاء أفادوا بوجود قيود مشددة بشكل متزايد على التعبير المستخدم خلال الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل تلك المنطقة، لاسيما بعد أن نظمت جماعات العدالة المناخية منذ أيام مسيرة في المنطقة الزرقاء للمطالبة بوقف إطلاق النار، ولكنهم لم يتمكنوا من رفع العلم الفلسطينى بسبب حظر رفع الأعلام، ورفعوا بدلًا منها لافتات مزينة بالبطيخ!
المسؤولون عن التظاهرة خرجوا ليتحدثوا إلى الصحافة مؤكدين أن مسؤولى الأمم المتحدة أخبروهم بضرورة عدم استخدام كلمة «apartheid»، والتى تعنى الفصل العنصرى، ولا كلمة «settler colonialism»، والتى تعنى الاستعمار الاستيطانى، ثم منعوهم من الأساس من الهتاف بوقف إطلاق النار.
الأمانة التابعة للأمم المتحدة أبلغت كذلك وفود القمة بحظر هتاف «Palestine will be free»، في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث تمنح مؤتمرات المناخ عادة الإذن بالتظاهر، لكن هذه المرة تسعى الأمم المتحدة لتقييد الشعارات والعبارات المستخدمة في التظاهر، وهو أمر يدل على التضييق الكبير على كل ما هو متضامن مع فلسطين. الأمر الأخطر من وجهة نظرى هو الانقسام الظاهر في هيئة أممية واحدة، فأمانة المناخ هي جزء تابع للأمم المتحدة، وهى تحاصر القضية الفلسطينية في كل مكان، حتى أنها تحدد الشعارات التي تُرفع والهتافات التي تطلقها الحناجر رفضًا للعدوان الإسرائيلى على غزة، في حين مثلًا أن أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، له موقف رافض تمامًا للحرب في غزة، بل إنه جاء إلى العريش وألقى بيانًا قويًا ضد إسرائيل، والذى بالفعل وجد صداه داخل المجتمع الدولى للحد الذي طالبت فيه سلطات تل أبيب بإبعاده عن منصبه.
يبقى القول إن هذا التضييق الذي يمارسه الكثيرون في العالم ضد القضية الفلسطينية ليس في صالح تصفية القضية بل هو على العكس تمامًا، مادام العقل البشرى قادرًا على ابتكار وسائل مختلفة للتذكير بها كل فترة.