بقلم - عبد اللطيف المناوي
إسرائيل تصنف يوم 6 أكتوبر سنة 1973 باعتباره اليوم الأسوأ عسكريًا في تاريخهم، ويأتى يوم 7 أكتوبر 2023، ليعيد الإسرائيليين تصنيف أيامهم السيئة من جديد، ويضعوه بين الأسوأ كذلك.
الحلفاء الأمريكيون أيضًا يصفونه بالأسوأ على إسرائيل بعد حرب العبور، وهذا ليس وصفى، بل وصف وزير الخارجية الأمريكية بلينكن، أمس، فلم يصدق أحد أن مجموعات صغيرة استطاعت أن تتغلب على قوات الحدود الإسرائيلية، وتعيد رهائن إسرائيليين إلى غزة عبر الحدود التي تبلغ حوالى 60 كيلومترًا، وهى الحدود التي أنفقت فيها إسرائيل ما يقرب من مليار دولار لإقامة جدار كان من المفترض أن يكون غير قابل للاختراق فعليًا.
الضربة القوية الأخرى، التي جعلت الإسرائيليين وحلفاءهم، يصفون اليوم بثانى الأسوأ بين أيامهم، هي فشل أجهزة تل أبيب الاستخباراتية في توقع العملية، رغم ما كان مرصودًا، حسب وسائل إعلامية إسرائيلية، من أن حماس تجرى ما بدا وكأنه مناورات تدريبية لهذا النوع من الهجوم على طول حدود غزة مباشرة أمام أعين الجيش الإسرائيلى.
لكن يبدو أن المخابرات الإسرائيلية فسرت هذه التحركات على أنها مجرد محاولة من حماس للعبث مع قادة الجيش الإسرائيلى وإثارة قلقهم، وليس كمقدمة لهجوم. ويبدو أن المخابرات الإسرائيلية اعتقدت أن حماس في حاجة إلى المزيد من المساعدة المالية من داعميها، ومزيد من تصاريح العمل لسكان غزة في إسرائيل مقابل حدود هادئة، فلوحت بتلك المناورات. قد تتجاوز تداعيات التطورات والمعارك نطاقها، خصوصا أن حربا طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس يمكن أن تغير الأولويات الأمريكية والغربية، فيتحول المزيد من المعدات العسكرية الأمريكية التي تحتاجها كييف إلى تل أبيب، وستجعل صفقة التطبيع بين أطراف عربية وإسرائيل المقترحة مستحيلة في الوقت الحالى. وإذا ما تبين أن إيران شجعت هجوم حماس لإحباط تلك الصفقات، فإن ذلك سيتسبب في إشعال مناطق هي ملتهبة بالفعل في المنطقة، وكانت هناك محاولات لتحييدها.
قد يكون من المبكر الحكم على مخرجات المواجهات الدائرة حتى الآن، لكن حتى لو كان السؤال مبكرا فإن طرحه واقعى ومهم: هل يمكن أن تكون هذه المعارك مدخلًا لمرحلة جديدة ينتج عنها تحريك وتحرك في مسارات جديدة، تنتج مخرجًا من حالة الجمود الذي تعانى منه القضية الفلسطينية، التي كانت القضية العربية الأولى؟، وهل تُغير المسارات التي كان قد تم البدء في رسم ملامحها بين العرب من ناحية وإسرائيل من ناحية أخرى؟، وهل يتأثر المسار الإيرانى العربى الجديد بعد هذا الانفجار المفاجئ الذي يشير العديد من الأطراف إلى وجود بصمات إيرانية فيه؟.