بقلم - عبد اللطيف المناوي
مراقبة أدائنا على المستوى العربى فى الخطاب إلى المجتمع الدولى تؤدى إلى ملاحظتين، أتوقف شخصيًا أمامهما منذ وقت طويل؛ الأولى هى غياب التنسيق وتقسيم الأدوار بيننا كطرف يفترض أن يكون طرفًا واحدًا. والثانية هى عدم الاقتناع بأهمية التواصل «communications»، وإذا قمنا به، يكون ذلك بأدوات وسبل تقليدية قديمة، ونفتقد التنسيق فى صياغة الرسالة لنمتلك رواية متماسكة، قوية ومؤثرة.
وجدت فى مؤتمر ميونخ للأمن هذا العام اهتمامًا واضحا ومتوقعا بإسرائيل.. وأيضًا نجاح إسرائيل فى لعبة الاتصال. كانت هناك جلسة مدتها ساعة ونصف، تم تخصيصها لموضوع «أسرى إسرائيل لدى حماس». شاركت فيها ثلاث سيدات أفرج عنهن مؤخرًا وثلاثة آخرون من أهالى من مازالوا رهن الاحتجاز.. وجلسة لمناقشة العداء للسامية، وأخرى لوزير الخارجية الاسرائيلى، غير جلسة رئيس إسرائيل وآخرين، من بينهم تسيبى ليفنى التى كانت حاضرة كمتحدثة أو متابعة جلسات أخرى، أيضا تحدثت فيها.
حديث ليفنى بدا معبرا عن تلك الحالة الإسرائيلية والمزاج العام الذى يبدو أنهم تورطوا فيه إلى حد الإدمان. مع كل التفهم الذى أبداه العالم كله تقريبا لأحداث السابع من أكتوبر وإدانة الفعل، إلا أن حالة الانتقام وما يبدو عطشًا للدماء والدمار قد تمكن منهم. يجادل الإسرائيليون ويرفضون أى طريق أو وسيلة للوصول إلى حل. وأظن أن تلك الحالة من الإحساس الغاشم بالقوة هى ما يحول بين الدول المؤثرة والضغط بشكل كاف على إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار، ويسيطر الإحساس بالذنب على معظم المسؤولين الغربيين فى تعاملهم مع إسرائيل.
كما ذكرت أمس، كانت ليفنى شديدة العنف والتطرف فى طرحها فى جلسةٍ شاركت فيها كمتحدثة، وحضرت كمتابعة فى الجلسة التى شارك فيها سامح شكرى. وأود هنا أن أشيد بمقدرة وتمكن وزير الخارجية من طرح وجهة النظر المصرية، وتناول النقاط الجدلية بقدر كبير من القوة والمنطق والوضوح. وقد تكون هذه إحدى أكثر المرات التى تم وضع الموقف المصرى بهذا الوضوح وهذه القوة.
عندما علقت ليفنى على كلام سامح شكرى مؤكدة الموقف الإسرائيلى بأهمية القضاء على حماس وضمان عدم تكرار أحداث السابع من أكتوبر، ووصفت حماس بأنها «جزء من المشكلة وليس الحل» كان رده بطرح السؤال الذى يرفض الجميع مواجهته: «من المسؤول؟» و«لماذا تُموَّل فى غزة؟»، معتبرًا أن الهدف من البداية كان «تعميق الانقسام» بين «حماس» والتيار الرئيسى للكيانات الفلسطينية ممثلة فى السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير الفلسطينية أو الرأى العام، وهى كيانات «تصنع السلام». يتجاهل كثيرون الإجابة عن هذه الأسئلة؛ لأن الإجابة عنها تدين أطرافًا، أولها إسرائيل ذاتها. عندما نتحدث أمام العالم فى حضور الأطراف الأخرى، نمتلك قدرة التأثير، خاصة لو لدينا رسالة واضحة. كان التعبير الأخير لشكرى واضحًا ومؤثرًا. إن الهدف «توفير بديل يزرع الأمل