بقلم - عبد اللطيف المناوي
تظل القدرات البشرية محدودة مهما عظمت، ويظل الزمن محصورًا بين نقطتين مهما كانت قوة من يمتلك القوة فى هذا الزمن. أتذكر هذه الحقيقة وأنا أحاول تحديد ماذا يجب أن أتابع، ومن علىّ محاولة اللقاء به فى المنتدى الاقتصادى العالمى بـ«دافوس»، حيث الجلسات بالمئات داخل مقر المنتدى وخارجه وفى كل أنحاء المدينة، لذلك تظل الصورة التى أحاول نقلها محدودة بقدرتى البشرية «المحدودة» وحصار الزمن الذى لا يمهلنى إلا بقدر.
الافتتاح الرسمى للمنتدى بدأ مساء أمس، والنشاط بدأ مبكرًا ما بين لقاءات هنا وجلسات هناك، واستوقفتنى إحدى الجلسات المخصصة لمناقشة تقرير عنوانه «مؤشر الاحتمالات المستقبلية»، وهو مؤشر تعاونت مجلة «Newsweek Vantage» مع «Horizon Group»، فى وضعه لدراسة إمكانيات المستقبل.
وما شجعنى على قرار حضور هذه المناقشة أنها عُقدت فى جناح دولة الإمارات العربية، الذى يحتل مكانًا مميزًا فى «البروموناد» الرئيسى المؤدى إلى القاعة الرئيسية ويحمل شعار «لا شىء مستحيل».
ومؤشر الاحتمالات المستقبلية هذا يقيس قدرة 70 دولة على تمكين بيئة أعمالها من الاستفادة من الفرص الناشئة عن التحولات الاقتصادية العالمية وإمكانية تحقيق الأهداف المتعلقة بالتنمية المستدامة، وتمثل الدول السبعون المدرجة فى المؤشر أكثر من 90% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى.
وترى الدراسة أن هذه الاتجاهات والتحولات سوف تدفع الاقتصاد العالمى إلى الأمام، من خلال تشجيع تطور نماذج أعمال جديدة وتوفير فرص لتمكين تلك البلدان من تعظيم إمكانات هذه التحولات، لكنها تظل مرتبطة بقدرة كل بلد على تمكين القطاع الخاص من الاستفادة من هذه التحولات.
من بين ما ناقشته الدراسة أيضاً التغييرات الكبيرة التى طرأت على حياتنا اليومية، بسبب التقدم التكنولوجى، وظهور منصات وسائل التواصل الاجتماعى، والوعى بتغير المناخ، وسهولة التجارة الإلكترونية، والترابط المتزايد بين العالم، حيث أفادت الدراسة بأن هذه التغييرات من الممكن أن يختلف تأثيرها بناءً على عوامل مثل الموقع الجغرافى والحالة الاجتماعية والاقتصادية والتفضيلات الفردية.
فى الدراسة كثير من الحقائق الصادمة التى تخفى على المتابع العادى، ومنها على سبيل المثال أن المملكة المتحدة تحتل المرتبة الأولى فى مؤشر الاستثمار الأجنبى المباشر، وذلك بفضل أدائها القوى الشامل، تليها بفارق ضئيل للغاية الدنمارك والولايات المتحدة، أما الدول العشر الأخرى التى احتلت المراكز العشرة الأولى فهى اليابان وكوريا الجنوبية وأربعة اقتصادات أوروبية.
ومن بين الأسواق الناشئة، تتصدر الصين (المرتبة 19)، تليها البرازيل (المرتبة 30) وماليزيا (المرتبة 32)، فيما تعد الإكوادور ونيجيريا وبنجلاديش والجزائر وباكستان من بين الدول التى لديها مجال للتحسين.
أما دولة الإمارات العربية فتحتل المرتبة (23) كأعلى الدول فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيما تتصدر البرازيل القائمة فى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، وتتصدر جنوب إفريقيا (المرتبة 50) فى منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. من أهم ما تعلمته من الدراسة والنقاش حولها أنه لا يمكن للنمو الاقتصادى وحده أن يحقق النتائج المجتمعية المرجوة بدون مؤشر الاستثمار الأجنبى المباشر.
فى النهاية أضع رابط الدراسة والمؤشر لمن أراد أن يستزيد