بقلم:عبد اللطيف المناوي
بينما أنتظر البائع فى أحد متاجر الأدوات الكهربائية ومعدات التصوير؛ ليأتى لى بحامل للتصوير بجهاز التليفون المحمول، لفتت نظرى قطعة تشبه العصا الصغيرة لا يزيد طولها على 15 سنتيمترًا.تخيلت أنها حامل آخر للتصوير غير الذى أنتظره. سألت البائع عندما عاد لى عن هذه القطعة وما إذا كانت أفضل مما اخترت، فأجابنى بأنها ليست حاملًا للتليفون ولكنها كاميرا متكاملة.
عرض علىَّ إمكانياتها: حجمها كعلبة الكبريت أو أصغر، يمكن تعليقها فى الرقبة أو وضعها فوق حاملها الصغير الذى يتمدد، ويضاف لها مسجل صوت بحجم أقل من الكاميرا، وشاحن لا سلكى. سألته: هل هى إحدى الأدوات التى يهوى البعض استخدامها كأدوات تجسس بدائية؟، فأجابنى: بل هى كاميرا تقترب من مواصفات الكاميرات عالية الدقة والتقنية، ويستخدمها مصورون محترفون فى إنتاجهم من الصور الثابتة أو الفيديو.
وحجمها يتماشى مع طبيعة العصر وتزايد الاهتمام العام بالتصوير لدى كل الناس تقريبًا. ما لفت نظرى أيضًا، ويبدو أن كثيرًا من الأشياء لفتت نظرى هذه المرة، أن سعرها لا يزيد كثيرًا على ما يوازى ستة آلاف جنيه مصرى.
لست هنا أروى تجربة تسوق شخصية، لكنى أثبت حقيقة أصبح العالم كله يعرفها؛ أن التقدم فى وسائل التصوير والتوثيق والتواصل أصبح يتحرك بسرعة لا يمكن تحديها أو إعاقتها بقواعد أو قوانين تقيدها أو تحد منها. ولكن يبدو أن هذه الحقيقة مازالت غائبة عن البعض منا.
أعلنت الحكومة عن عزمها على إعداد قانون ينظم قواعد التصوير والإنتاج التليفزيونى والسينمائى. وهذا فى جانب منه يبدو إيجابيًّا. فإذا كان الهدف هو- كما قالت الحكومة- التخفيف من المعوقات والروتين الذى لا يشجع على الإنتاج السينمائى الأجنبى فى مصر، والذى تفقد مصر بسببه فرصًا عديدة اقتصادية وترويجية.
لكن تم إقحام مسألة التصوير الشخصى للمصريين والأجانب المقيمين والسائحين فيه، وأن المبدأ فى التصوير سيكون الإتاحة، و«بدون دفع مليم»، وهو تأكيد لم يكن له داعٍ لأنه يثير شكوكًا أكثر من الاطمئنان؛ ذلك أن العالم كله، إلا دولًا قليلة جدًا لا أظن أننا سنسعد بالانضمام إلى قائمتها، تتيح ذلك دون إعلان أو تأكيد.
أيضًا عندما يتحدث المسؤولون عن أن الهدف من «وضع ضوابط» هو «عدم السماح بتصوير ونشر المشاهد المسيئة للبلاد»، وأن «المقصود من فكرة حظر تصوير المشاهد المسيئة، هو عدم التركيز على مشاهد المهملات فى الشوارع مثلًا»، وأنه «لن يتم منع أحد؛ لكن لا بد من وجود تصريح مسبق، ومعرفة سبب تصوير هذه المشاهد». هذه التصريحات وهذا التوجه هو أسلوب غير عقلانى وغير صحيح للحد من ذلك. والأكيد أنه لا يصب فى مصلحة الصورة العامة للدولة المنفتحة على العالم.
وأظن أن تصريحات بعض النواب بأن هذا القانون سوف يساهم فى «الارتقاء بالقطاع السياحى، وسيخدم الصالح العام لمصر، وسيسهم فى جذب السياح وإبراز الوجه الحضارى والمشرق للدولة» لا تستحق مناقشتها؛ لافتقادها المنطق، ولا تخدم الدولة أو صورتها.
من المقرر أن تطلق مصر حملة دولية للترويج السياحى خلال شهر سبتمبر المقبل، لن يخدمها إضافة بند يدافع عن قرار حسمه التطور التكنولوجى. الحل فى التواجد بإيجابية وليس فى المزيد من «الضوابط».