بقلم:عبد اللطيف المناوي
قريبًا ستُعلن نتائج الثانوية العامة، وستكون الحالة العامة فى معظم البيوت المصرية، كما هى العادة، بين فرح وحزن وقلق، وستأتى مواعيد تنسيق دخول الجامعات، ثم يأتى عام دراسى جامعى جديد، ينخرط فيه الناجحون فى الثانوية فى دراستهم، فى الوقت نفسه تكون دفعة جديدة من الطلاب على موعد مع ثانوية عامة أخرى، ليستمر الموال الذى لا ينتهى إلا بحلول جذرية، وبإعادة نظر شاملة.
فى خلال السنوات السابقة، كانت الوعود براقة من وزارة التعليم، وتلمسنا بالفعل محاولات جادة من الدكتور طارق شوقى الذى أكنّ له كل محبة واحترام، من أجل تغيير شامل وجذرى فى المنظومة التعليمية فى مصر. وبدأ الحديث عن إجراءات وتحولات وتخيلات لإصلاح المنظومة التى كان بها خلل كبير طوال سنوات سابقة.
ولكن مع كل خطوة جديدة كانت تظهر ثغرات، ومع كل ثغرة كانت تظهر تبريرات من دون علاجات، حتى إن ثغرات السنوات القليلة السابقة أصبحت فجوات كبيرة فى المنظومة، ولعل أزمة تسريب الامتحانات والمشهد العجيب للمدرس صاحب المراجعة النهائية لآلاف الطلاب الذى دخل إلى مركز الدروس الخصوصية بركب من السيارات، خير دليل على أن هناك أمرًا ما خطأ فى المنظومة.
العقول مازالت على حالها، أقصد عقول معظم الأطراف، عقول المطورين فى الوزارة، الراغبين فى شكل أفضل للعملية التعليمية، من دون أدوات أو تفكير خارج الصناديق المغلقة إياها، وعقول الأسر المصرية، التى مازالت تبحث عن نسخ مسربة للامتحانات، والتى مازالت كذلك تبحث لأبنائها عن «غول» فى الكيمياء، و«أسد» فى الجغرافيا، و«ديناصور» فى اللغة العربية حتى يعطى أبناءهم «البرشامة» النهائية، والتى يستطيعون من خلالها أن ينجحوا فى الامتحان.
فقط نرغب فى أطراف تعى الغرض والهدف من التعليم فى مصر، وأظن، وأغلب الظن إثم، أن معظم الأطراف لا تعرف تحديدًا ما هو الغرض من التعليم، هل هو النجاح؟ وهل النجاح والمجموع الضخم يضمنان مستقبلًا مشرقًا؟
أرى أن أفضل حداد أو أفضل نجار أو أفضل محاسب فى بنك، هو بالضرورة أكثر إفادة للمجتمع والناس من أسوأ طبيب. أرى أن المستقبل الذى يصنعه من يعى ماهية التعليم، بغض النظر عن المجاميع والنتائج، سيكون أكثر إشراقًا من مستقبل الذين يؤمنون بأن المجموع هو ما يحدد المصير.
أرى أن العملية التعليمية برمتها فى مصر تحتاج إلى تطوير أكثر، أن ينظر أصحابها إلى استراتيجيات تشمل ارتباط مرحلة التعليم الجامعى وما قبلها بسوق العمل. استراتيجيات لا تنظر بالعين الضيقة على الأشياء، لا تنظر للثانوية العامة باعتبارها مجموع درجات فحسب.
تطوير العملية التعليمية فى مصر يحتاج إلى قليل من التبريرات وكثير من العمل