بقلم : عبد اللطيف المناوي
اهتمامنا بالأحداث الإقليمية والعالمية يأتى من منطلق رئيسى واقتناع بأن فهم العالم المحيط يساعدنا على تقييم أوضاعنا، وبالتالى يفتح آفاقًا للتفكير والتعاطى مع ما نواجه بعقول متخلصة من أى حساسيات. هو رياضة بين الكاتب والقارئ، إذا نجح فيها الكاتب فهى إضافة مهمة إلى رصيده، وإذا لم ينجح فى إيجاد هذه العلاقة فسيكفيه المحاولة.
لكنى اليوم أتعامل مع قضية أتتنى عبر البريد الإلكترونى من قارئ كريم، هو دكتور مهندس إيهاب سمير، والحقيقة لأهمية الموضوع، رغم ما يبدو أنه زاوية ضيقة، فإنه قضية مهمة. يقول دكتور إيهاب:
مع إدراكى خطورة وتسارع الأحداث الخارجية المحيطة، التى لا تهدأ. أرجو أن يتسع وقتك لموضوع يتعلق بكثافة الفصول وتأثيرها المدمر. نشرت «المصرى اليوم» خبرًا يتعلق بمحافظة قنا، ويتناول الخبر قرار المحافظ الاستجابة لطلبات أولياء الأمور برفع كثافة الفصول لرياض الأطفال بنسبة ١٠٪ لتصل الكثافة فى المدارس الرسمية إلى ٥٠ طفلًا فى الفصل، واللغات إلى ٤٥، والمتميز إلى ٣٦، وأعتقد أن القرار ستتبعه قرارات مماثلة فى نفس الاتجاه لمحافظات أخرى. يبدو لمَن يقرأ الخبر أن هذا جزء من الحل، والحقيقة أنه مشكلة كبيرة، فالأعداد المذكورة، وهى لقرار يجرى العمل به بالفعل، لا علاقة لها بالأعداد المسموح بها فى العديد من الدول. كيف يمكن للمعلمة أن تجلس مع ٥٠ طفلًا فى غرفة واحدة لعدة ساعات من أجل تعليم مقبول؟، وما النتيجة المتوقعة؟، ألَا توجد مخاطر من هذا التكدس غير المعقول؟، ما تأثير الزحام على نفسيات الأطفال، وضمان عدم انتقال الأمراض؟. أتمنى أن يقوم السيد المحافظ بمراجعة القرار.
نعلم التأثير الخطير السلبى على قدرات الطلبة، الذين لا يُتاح لهم الذهاب إلى رياض الأطفال فى بداية المشوار التعليمى، ولكن الحل لا يكون بخطأ كبير. إنشاء رياض الأطفال لا يحتاج إلى سنوات لو أُحسنت الإدارة، وتم التنسيق مع الجمعيات الأهلية ذات الخبرة فى المجال، ولو تم توفير آلاف من قطع الأراضى، فى بلد ٩٠٪ من أرضها صحراء، تحتاج تلك المنشآت إلى مبانٍ من دور واحد ومساحة للحديقة، ولا أظن أن بناء مثل هذا يحتاج إلى أكثر من بضعة أسابيع. للأسف، قرار خطير وغير مدروس وله عواقب سلبية كبيرة.
حل كثافة الفصول يبدأ من توفير ملايين الأمتار بسعر اقتصادى أو مجانًا فى طول وعرض محافظات مصر من أجل المبانى التعليمية، ودعم البناء من أجل مبانٍ تواكب التغيرات المناخية، وتتيح العمل أغلب أيام السنة بدون عقبات. لابد من وجود كود فنى يحدد المساحة المحددة لكل طفل فى الفصل طبقًا للمعايير الدولية وليس طبقًا لقرارات إدارية منفصلة عن التطور العالمى للدول الصناعية، التى نحاول جاهدين اللحاق بها. لابد من حوار مفتوح حول المساحة والكثافة فى الفصل طبقًا للعلم ولا شىء آخر.