بقلم : عبد اللطيف المناوي
أثار اختيار ترامب لنائبه، جى دى فانس، الكثير من الجدل فى الأوساط السياسية الأمريكية، بل العالمية، ولاسيما مع عمر دى فانس الصغير نسبيًّا، (٣٩ سنة)، وتجربته السياسية الحزبية المحدودة زمنًا.
الأمر الآخر الذى أثار الجدل أيضًا أن فانس- وهو سيناتور جمهورى- كان مناهضًا لبعض أفعال ترامب فى ولايته الأولى، ولكن فيما يبدو أن المرشح الجمهورى استطاع أن يوحد الحزب تحت رايته حتى منتقديه، وهذا أعتبره تطورًا واضحًا فى سياسة ترامب خلال هذه المعركة الانتخابية، التى يبدو فيها المرشح الأوفر حظًّا، خصوصًا بعد محاولة الاغتيال الأخيرة.
وأعتبر كذلك أن اختياره لفانس تطور آخر فى تفكيره، ولاسيما أنه اختار شخصًا كان من طبقة الكادحين فيما مضى، كما أنه من جيل آخر يتحدث بلغة سياسية أخرى، ما يسهم فى جذب العديد من الأصوات المتأرجحة.
«فانس» له سجل علنى من المواقف الجمهورية المحافظة، وذلك قبل دخوله الرسمى فى السياسة، وتحوله إلى سياسى جمهورى له تقريبًا نفس آراء ترامب فى موضوعات داخلية تهم الناخب الأمريكى مثل الضرائب أو الإجهاض أو الاقتصاد أو الإنفاق العسكرى. وقد أظهر فانس تلك فى أول كلمة له بعد اختياره كنائب، عندما خطب أمام الناس فى المؤتمر الوطنى الجمهورى فى (ميلوكى)، حيث دعا إلى إعادة أمريكا كبلد عظيم من جديد، قائلًا: «نحتاج إلى قادة يجعلون الولايات المتحدة أقوى، وترامب يمثل الأمل الأعلى للأمريكيين فى تحقيق الأمن والأمان».. وبنفس الطريقة التى يتبعها المرشح الجمهورى، هاجم فانس إدارة بايدن، مؤكدًا أنها أخفقت فى التعامل مع الأزمات التى مرت بها البلاد، مضيفًا أن الرئيس الحالى ونائبته كامالا هاريس أفسدا الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام.
آراء فانس فى السياسة الأمريكية الخارجية تتشابه أيضًا مع ما كان يقوله ترامب، فله موقف من الحرب الروسية- الأوكرانية، وحلف شمال الأطلسى (الناتو)، إذ يدعو فانس إلى عدم دخول الولايات المتحدة فى مشاكل مع الدول الأخرى ونزاعاتها ما دامت هذه المشاكل والنزاعات لا تؤثر بشكل مباشر وحقيقى على مصالح الأمن القومى الأمريكى.
أما عن موقفه من الصين، فقد جاء أيضًا متوافقًا بشكل كبير مع موقف ترامب الذى أعلنه فى السابق، عندما سكن البيت الأبيض، أو فى اللقاءات الانتخابية التى عقدها سواء فى هذه الانتخابات، أو قبل فترة ولايته الأولى (٢٠١٧- ٢٠٢١).. فهو يدعو إلى فرض تعريفات جمركية كبيرة على الواردات الصينية، ويرى أن بكين هى العدو الأول لبلاده.
ويُعد فانس أيضًا من صقور الجمهوريين، الذين يطالبون بمواجهة قوية مع إيران، ولكن دون استخدام القوة العسكرية فى عمليات داخل الأراضى الإيرانية، فهو مثل مَن اختاره تمامًا؛ يقف بقوة ضد العودة للاتفاق النووى مع إيران، والذى تحاول إدارة الرئيس الحالى جو بايدن أن تنسقها. ولا ننسى أن ترامب نفسه داعم قرار الخروج من الاتفاق النووى عام ٢٠١٨.
أما موقفه من الشرق الأوسط، فهو مسار حديثنا غدًا بإذن الله.