بقلم - عبد اللطيف المناوي
تحدثنا منذ عدة أيام حول التوقع اليقينى بعدم قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية فى الأمم المتحدة، وهو ما حدث بالفعل عندما تم عرض مشروع القرار الذى قدّمته الجزائر يوصى الجمعية العامة «بقبول دولة فلسطين دولة فى الأمم المتّحدة» فأيّده 12 عضواً وعارضته الولايات المتّحدة مستخدمة حق الفيتو وامتنع عن التصويت عليه العضوان الباقيان بريطانيا وسويسرا.
ما توقفت أمامه هو ذلك التصعيد الإعلامى خلال الأيام السابقة للتصويت مما خلق انطباعًا زائفًا لدى جزء من الرأى العام أن هناك احتمالًا أن يمر القرار. وشغل الموضوع وقتا لا بأس به على شاشات التليفزيون وأدلى بدلوهم كثير من السياسيين والمحللين والخبراء. أظن أن هذه الأجواء لم تكن موفقة لأن النتيجة لم تكن تحتاج تخمينًا.
صحيح أن ما يقرب من 140 دولة تعترف بفلسطين كدولة، لكن لا يعنى هذا امتلاك شرعية دولية دون موافقة مجلس الأمن بالتصويت على الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية للتصويت فى الجمعية العامة.
الولايات المتحدة فسرت موقفها باستخدام حق النقض «الفيتو» بأنه لا يعنى عدم الموافقة على وجود دولة فلسطينية، كما قال وزير خارجيتها أنتونى بلينكن، بل يشترط ألا يحدث ذلك إلا من خلال مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وليس من خلال تحرك فى الأمم المتحدة. واستخدمت حق النقض ضد مشروع قرار يوصى الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 دولة «بقبول دولة فلسطين عضوا فى الأمم المتحدة».
كما هو متوقع من ردود فعل غاضبة، أو أراد أصحابها أن تبدو كذلك، وكأنهم توقعوا موقفًا أمريكيا مختلفًا أو نتيجة مختلفة. أدانت الرئاسة الفلسطينية استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو ضد مشروع القرار، وقال مكتب الرئيس محمود عبّاس فى بيان إن الفيتو الأمريكى «غير نزيه وغير أخلاقى وغير مبرر» وأن «هذه السياسة الأمريكيّة العدوانيّة تجاه فلسطين وشعبها وحقوقها المشروعة تمثّل عدوانا صارخا على القانون الدولى، وتشجّع استمرار حرب الإبادة الإسرائيليّة ضدّ شعبنا (...) وتزيد فى دفع المنطقة إلى شفا الهاوية»، وأنّ هذا الفيتو «يكشف تناقضات السياسة الأمريكيّة التى تدّعى من جانب أنها تدعم حلّ الدولتين، فيما هى تمنع المؤسّسة الدوليّة من تنفيذ هذا الحلّ»،. مرة أخرى وكأنه صُدم فى الموقف الأمريكى!.
دول أخرى أعربت عن أسفها لعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يُمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة. معتبرة أن الاعتراف بدولة فلسطين وإقرار عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة هو حق أصيل للشعب الفلسطينى.
ما أعتقده أن هذه النتيجة المتوقعة يمكن أن تكون منطلقًا جديدًا لاستحضار الفكرة التى طرحتها مصر منذ عدة أشهر بالإعلان عن دولة فلسطينية من طرف واحد وبعدها تبدأ مناورات ومحاولات فرض أمر واقع جديد. حتى لو بدا أن هذه الفكرة ليس من نصيبها نجاح سريع إلا أنها تبدو حركة تساعد فى خلق واقع جديد. لكن هذه الخطوة تستدعى موقفًا فلسطينيًا منسقًا موحدًا، وهو ما يبدو من رابع المستحيلات.