بقلم : عبد اللطيف المناوي
حالة الفرح الهستيرى التى تسيطر على الأغلبية الساحقة من سوريا، أراضى وسكانًا، تختفى وراءها مشاعر قلق من القادم. وقد تتخطى مستوى القلق إلى حالة الخوف الشديد.
هناك حقائق أساسية حاكمة للوضع الحالى. كما ذكرنا أمس لا أطن أن حاكما قد حاز هذا الموقف، الذى يقترب من الإجماع، على الارتياح والفرح للتخلص منه. هذه حالة نادرة أن يفشل حاكم فى أن يكون له رصيد على الأرض، بعد حكم ابن اقترب من ربع قرن، وحكم أب وابن تجاوز نصف قرن.
فرحة الخلاص تصيب بفقدان الرؤية الصحيحة، وضوضاء الإحساس بالانتصار وزخمه تتضاءل فى ظل أى محاولات لأفكار قلقة. كما قال لى صديق سورى، وهو من العلمانيين، وضد حركات الإسلام السياسى على إطلاقها، يقول «إنهم هم من استطاعوا أن يخلصونا وهذا هو المهم الآن»، ويراهن بمزيج من الأمل والقلق على طبيعة الشعب السورى صاحب الفكر والسلوك العملى والتجارى، تعود على التنوع ومكوناته تاريخيا متنوعة. وبالتالى لن يستطيع التيار الإسلامى أن يتجاوز هذه الحقيقة. لم أرد أن أطفئ فرحة صديقى وأمله بحقيقة تاريخية أن العامل الاجتماعى مهم لكنه ليس حاكما. وأن من يحكم على الأرض هو من يملك القوة والسلاح.
وهذا ينقلنا إلى النقطة الأخرى المهمة. الشعب السورى هو من يحمل كل مشاعر السعادة، لكن لا ننسى أن المنتصرين هم الفصائل ومن معهم وخلفهم. وهم بطبيعة التسمية «فصائل» متعددة، اتفقت على هدف ولكن يظل تاريخها ماثلا ومؤثرا.
والاختلافات بينهم وصلت فى بعض الأحيان إلى حد اتهامات اقتربت من الاتهامات بخطأ الفهم والحياد عن الشريعة، والبعض وصل إلى حد التكفير. التغير الكبير الذى تابعناه هو فى شخصية الجولانى، أحمد الشرع مؤخراً، من صورة وآراء متطرفة إلى صورة وآراء مرنة وعصرية. لكننا لمحنا باقى القوات التابعة، ولم نسمع باقى القيادات، ومن لمحناه فى زوايا الصورة يحمل ملامح الجولانى القديمة قبل أن يهذب ذقنه. السؤال الكبير هنا، ماذا هم فاعلون؟، و«هم» هنا الفصائل وقادتهم.
حتى الآن الممارسات مقبولة ومفاجئة فى انضباطها. ويبدو أن وقتا طويلا قضته الفصائل فى التدريب والاستعداد لموقف السيطرة على المدن. وأيضا يبدو أنهم قضوا وقتا محترما فى تشكيل لغة خطاب مختلفة وأساليب إقناع وتواصل مع الجموع باختلاف اتجاهاتهم. يبقى التحدى الكبير هو مدى الثبات الذى يمكن أن تلتزم به هذه الفصائل بالأداء الجديد والصورة الإيجابية لهم بعدما حققوا أهدافا ما كانوا يتوقعونها.. القادم سيجيب عن السؤال.
لكن يظل الموقف الصحيح الآن هو فهم الواقع الجديد والتعامل معه. والهدف الحفاظ على سوريا العربية. وهذا حديث آخر.
إضافة مهمة:
احتل الجيش الإسرائيلى منطقة جبل الشيخ الحدودية والمنطقة العازلة مع سوريا. شهدت سوريا أعنف هجمات إسرائيلية منذ حرب أكتوبر، استهدفت تدمير سلاح الجو ومخازن السلاح الاستراتيجية وسلاح المدرعات.