بقلم : عبد اللطيف المناوي
كما ذكرت أمس، فإن استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) فى مجلس الأمن الدولى من أبرز الأدوات الدبلوماسية التى تلجأ إليها واشنطن لتأكيد ما لا يحتاج تأكيدًا من دعم إسرائيل وحمايتها من الإدانة أو فرض العقوبات الدولية.
منذ تأسيس الأمم المتحدة عام ١٩٤٥، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» ٤٥ مرة لعرقلة قرارات فى مجلس الأمن تنتقد إسرائيل أو سياساتها، وذلك حتى أواخر عام ٢٠٢٣. يمثل هذا العدد أكثر من نصف مجموع ٨٩ فيتو استخدمتها الولايات المتحدة إجمالًا منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة.
استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لأول مرة فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى ١٧ مارس ١٩٧٠. كان هذا الفيتو يتعلق بمشروع قرار بشأن روديسيا، (التى تُعرف الآن بزيمبابوى)، حيث كان القرار يهدف إلى إدانة السياسات البريطانية فى روديسيا وتعزيز العقوبات ضد نظام الأقلية البيضاء هناك. بررت الولايات المتحدة الفيتو بكون العقوبات المقترحة مُبالَغًا فيها وغير فعّالة.
أما أول فيتو أمريكى لصالح إسرائيل، فقد كان فى ١٠ سبتمبر ١٩٧٢، حيث اعترضت الولايات المتحدة على قرار يدين إسرائيل بسبب عملياتها العسكرية فى سوريا ولبنان خلال فترة النزاعات آنذاك.
هناك نماذج عديدة تُظهر ذلك النهج الأمريكى. فى ٢٠١١ استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لمنع قرار يدين النشاط الاستيطانى الإسرائيلى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، رغم أن القرار حظى بدعم جميع أعضاء مجلس الأمن الآخرين، بمن فى ذلك الحلفاء التقليديون لواشنطن.
رفض إدانة مجازر صبرا وشاتيلا ١٩٨٢ من المواقف الصعب تبريرها إنسانيًّا. فى أعقاب المذبحة التى راح ضحيتها مئات الفلسطينيين، عرقلت الولايات المتحدة قرارًا يدين إسرائيل لدورها فى المذبحة. كان الفيتو فى هذا السياق يعكس دعمًا ضمنيًّا للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى لبنان.
خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية فى ٢٠٠٤، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد قرار يدين قتل إسرائيل القيادى الفلسطينى الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس. كما اعترضت على قرارات تدين أفعال إسرائيل، بدعوى أن هذه القرارات غير متوازنة.
وفى ٢٠١٧ استخدمت واشنطن الفيتو لمنع قرار يدين اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها.. جاء هذا القرار وسط إجماع دولى واسع على معارضة الموقف الأمريكى. فى العديد من المناسبات، كان الفيتو الأمريكى هو الصوت الوحيد المعارض داخل مجلس الأمن. على سبيل المثال، فى عام ٢٠١١، صوتت الولايات المتحدة منفردة ضد قرار يدين الاستيطان، فى حين دعمت جميع الدول الأخرى القرار. وفى عام ١٩٨٢، استخدمت الفيتو لإجهاض قرار يدين إسرائيل على قصفها لمفاعل نووى عراقى، رغم الدعم الساحق من أعضاء المجلس الآخرين. هذا النمط يعكس ازدواجية فى المعايير، حيث يتم دعم قرارات صارمة تجاه دول أخرى، بينما تُمنح إسرائيل حماية غير مشروطة.