توقيت القاهرة المحلي 12:38:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التسويق السياسى للجميع

  مصر اليوم -

التسويق السياسى للجميع

بقلم : عبد اللطيف المناوي

يُعد التسويق السياسى إحدى الأدوات الحيوية التى تُستخدم فى بناء صور القادة وتعزيز شرعيتهم السياسية، سواء فى الأنظمة الديمقراطية أو السلطوية. يعتمد التسويق السياسى على استراتيجيات مدروسة بعناية تُشابه تلك المستخدمة فى التسويق التجارى، إلا أنه يركز على تشكيل «علامة سياسية» تُبرز القائد أو الحزب بشكل يضمن له التأثير والقبول الشعبى. يهدف التسويق السياسى إلى بناء صورة إيجابية أو «علامة تجارية» للقادة والأحزاب، ما يساعدهم فى كسب ثقة الجماهير. هذا المجال يستند إلى أدوات الإعلام الحديث، استطلاعات الرأى، وتحليل المزاج الشعبى. يشمل ذلك تصميم الرسائل السياسية، تحسين المظهر العام، واختيار الأسلوب الخطابى المناسب لكل شريحة من الجمهور. هذه الأدوات تطورت مع الزمن، من النقوش الحجرية فى الحضارات القديمة إلى الحملات الرقمية الحديثة. المثال الأبرز هو الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، الذى دمج بين الرسائل العاطفية والمظهر البسيط ليصل إلى قاعدة جماهيرية متنوعة، وهو ما جعله نموذجًا يُحتذى به فى التسويق السياسى الحديث.

مارجريت تاتشر، التى أصبحت «المرأة الحديدية» فى بريطانيا، وهى رئيسة الوزراء الأبرز فى تاريخ البلاد، أعادت تشكيل صورتها العامة من خلال الاستعانة بخبراء التسويق والعلاقات العامة. غيّرت مظهرها ونبرة صوتها وأسلوب تواصلها لتبدو كرئيسة قادرة على القيادة فى الأوقات العصيبة.

أيضًا فولوديمير زيلينسكى، الذى تحول من ممثل إلى قائد وطنى، استطاع استثمار أدوات الإعلام لتقديم نفسه كرمز للصمود الأوكرانى خلال الغزو الروسى، وذلك من خلال ملابسه البسيطة وخطاباته المؤثرة التى جعلته يحظى بتعاطف عالمى ودعم سياسى ودبلوماسى واسع.

وأحدث التحولات، وهو ما يهمنا فى الحقيقة، هو تحول (أبومحمد الجولانى) إلى أحمد الشرع، ويمكن اعتبار تجربته أحدث أبرز الأمثلة على التسويق السياسى فى منطقة الشرق الأوسط. التحول الذى شهده أحمد الشرع، القائد السابق لـ«هيئة تحرير الشام»، بعد أن كان رمزًا للجماعات الجهادية المتشددة، بل الإرهابية، يحاول إعادة تشكيل صورته تدريجيًّا ليحاول الظهور كقائد وطنى. ظهر فى أماكن شعبية، وارتدى ملابس مدنية، واستثمر الإعلام العالمى لتقديم نفسه كرجل المرحلة الانتقالية فى سوريا. وفقًا للخبراء، فإن هذا التحول لم يكن عشوائيًّا، بل استند إلى استراتيجيات دقيقة تعكس ما يريده الشعب السورى والدول المؤثرة فى المنطقة والعالم. وتم تدريبه تدريبًا عاليًا فيما يبدو. ورغم فعالية التسويق السياسى، فإنه ليس ضمانة أكيدة للنجاح، فالجمهور، خصوصًا فى الأنظمة الديمقراطية، يحتاج إلى أفعال ملموسة تدعم الشعارات والصور، إذ نرى- ولابد أن يرى السوريون بعد الاستفاقة من نشوة رحيل بشار الأسد- أن نجاح استراتيجيات التسويق السياسى التى يحاول إجادتها أحمد الشرع تتوقف على قدرته على تقديم حلول حقيقية للأزمات التى عاشتها البلاد خلال الفترة الماضية. ولكن ما أخشاه فى الواقع هو أن تستفيد الجماعات المتطرفة من أدوات التسويق السياسى- مثلما حاول من قبل تنظيم القاعدة، ويحاول حاليًا تنظيم داعش- والتى إن نجحت فإننا سنكون قد دخلنا مرحلة جديدة لا نعلم طبيعتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسويق السياسى للجميع التسويق السياسى للجميع



GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 08:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon