بقلم : عبد اللطيف المناوي
تحدثنا فى بالأمس عن مواقف جى دى فانس، السيناتور الذى اختاره المرشح الجمهورى فى الانتخابات الأمريكية، دونالد ترامب، نائبًا له، إذا ما حقق المراد وفاز فى الانتخابات التى تجرى فى نوفمبر.
تحدثنا عن مواقف الرجل شديدة التشابه بمواقف ترامب، لا سيما داخليًا وخارجيًا، وذكرت أن اختياره يمثل تطورًا مهمًا فى عقلية ترامب. اليوم نتحدث فيما يخصنا، وتحديدًا عن مواقفه فى الشرق الأوسط. فالرجل كانت له تجربة فى العراق فى عام ٢٠٠٥، حيث خدم فى قوات مشاة البحرية الأمريكية نحو ستة أشهر، بوصفه مراسلًا حربيًا ضمن مكتب العلاقات العامة فى القوات المسلحة، وذلك بعد تخرجه من الثانوية، وقبل ذهابه إلى الجامعة.
وفانس يصف تلك الفترة فى كتابه (Hillbilly Elegy) الذى يضم الكثير من قصص حياته القصيرة، والذى تحول لفيلم، بأنها الفصل التعريفى فى حياته، لأنها أعطته حسا بالمسؤولية وهدفا فى حياته المقبلة.
من هنا، كون الرجل وجهة نظره بخصوص صراعات الشرق الأوسط، وهى بالمناسبة أيضًا استمرار للنهج الترامبى، حيث يؤيد عدم إرسال القوات الأمريكية إلى الشرق الأوسط، ويحاجج بأن بقاءها المفتوح فى بلدان المنطقة (سوريا، العراق، وسابقا فى أفغانستان) مكلف ماليًا ميزانية الدفاع الأمريكية، ويؤجج المشاعر المعادية للولايات المتحدة.
كما يؤيد فانس تقديم أمريكا دعمًا عسكريًا قويا لإسرائيل حتى تتخلص من حركة حماس فى غزة، حسب وصفه، ويعتبر أن هذا شرط أساسى لتحقيق السلام، ناسفًا فكرة حل الدولتين التى تحاول إدارة بايدن، أو أى إدارة ديمقراطية فرضها.
ويعتقد فانس أن الحوافز السياسية هى السبيل الأفضل لحل النزاع الإسرائيلى- الفلسطينى، وذلك من خلال مسار تطبيع جديد بين الدولة العبرية وبعض الدول العربية ذات الشأن، من أجل إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، حسب تعبيره أيضًا. وعلى الأغلب سيُترجم هذا فى ظل إدارة جمهورية مقبلة محتملة فى البيت الأبيض إلى إحياء مسار تبنته إدارة ترامب فى السابق كسبيل لحل النزاع، وهو مسار رفضت عدة دول الخوض فيه، ومنها مصر والسعودية.
أظن أن دعم فانس لإسرائيل لا يخلو من حس دينى، حيث سئل مرة عن سبب دعمه المشروط والحذر لأوكرانيا ضد الهجوم الروسى عليها، مقابل دعمه المفتوح والقوى لإسرائيل، فأجاب: «إن معظم المواطنين فى هذا البلد (أمريكا) يعتقدون أن منقذهم وُلد ومات وأعيد إحياؤه فى تلك القطعة الصغيرة والضيقة من الأرض المطلة على البحر الأبيض المتوسط (يقصد إسرائيل)».
فانس ولا شك هو ترامب بالضبط، ولكن بلغة مختلفة، وجمهور مختلف، وشعبوية مختلفة، فقد أصاب ترامب فى اختياره الاستراتيجى، أو ربما أصاب الحزب الجمهورى، الذى فيما يبدو يريد أن يسير على النهج الترامبى لفترة طويلة.