بقلم : عبد اللطيف المناوي
شهدت الولايات المتحدة لحظة حاسمة فى تاريخها السياسى مع محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، خلال أحد لقاءاته الانتخابية أمام مناصريه فى ولاية بنسلفانيا. هذا الحدث الدراماتيكى الذى شهده ترامب وهو يقف بعد نجاته من محاولة اغتيال، يحمل تأثيرات بعيدة المدى على الحملتين الانتخابيتين للحزبين الجمهورى والديمقراطى، وكذلك على فرص كل مرشح فى الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤.
بالنسبة للجمهوريين، وخاصة حملة ترامب، يمكن القول إن محاولة الاغتيال جاءت فى وقت حرج ومنحتهم زخمًا جديدًا. هذا الحدث يساهم فى تعزيز الرواية التى طالما روج لها ترامب وهى أنه ضحية لمؤامرة تستهدفه شخصيًا وسياسيًا. الرسائل التى ترددها حملة ترامب حول الاضطهاد والمظلومية ستزداد قوة وستعزز من شعبيته بين مؤيديه. الشعار الشائع «إنهم ليسوا ورائى فحسب حقًا؛ إنهم يلاحقونك أنت أيضًا» سيصبح أكثر تأثيرًا، ما سيعزز من تضامن قاعدته الانتخابية معه.
فى المؤتمر الوطنى للحزب الجمهورى فى ميلووكى، بالتأكيد سيصبح الهجوم الفاشل محورًا رئيسيًا فى الخطاب. سيستغل ترامب والجمهوريون هذا الحدث لتسليط الضوء على قضايا الأمان الشخصى والعنف السياسى، ما قد يساعدهم فى كسب تعاطف الناخبين المترددين. إضافة إلى ذلك، سيحاولون توجيه أصابع الاتهام نحو الديمقراطيين واتهامهم بخلق بيئة مشحونة تؤدى بالضرورة إلى مثل هذه الأعمال العنيفة والعدائية.
على الجانب الآخر، يواجه الديمقراطيون تحديًا كبيرًا. حملة بايدن، التى كانت تركز بشكل كبير على تصوير ترامب كخطر على الديمقراطية، تجد نفسها الآن فى موقف صعب. مع محاولة اغتيال ترامب، قد يبدو استمرار الهجوم على شخصه غير مناسب فى هذا التوقيت الحساس. وقد أدى الحادث فعلًا إلى تعليق الإعلانات السلبية ضد ترامب، كما ألغى بايدن رحلته إلى تكساس تجنبًا لأى ظهور قد يُفهم على أنه استفزازى أو غير حساس.
محاولة اغتيال ترامب قد تؤدى إلى تعاطف شعبى معه، ما يمنحه دفعة قوية فى السباق الرئاسى. هذا التعاطف قد يقلل من فاعلية الانتقادات الموجهة له بشأن أحداث ٦ يناير مثلًا عندما اقتحم مناصروه مبنى الكابيتول، ويزيد من صلابة قاعدة مؤيديه. من ناحية أخرى، سيحتاج الديمقراطيون إلى استراتيجية جديدة لمواجهة هذا التعاطف الشعبى مع ترامب، وقد يضطرون إلى التركيز أكثر على الإنجازات السياسية لبايدن وتجنب الهجمات الشخصية.
فى النهاية، محاولة اغتيال ترامب قد تعيد تشكيل الديناميكيات الانتخابية بشكل غير متوقع. الجمهوريون قد يستغلون الحادث لتعزيز مواقفهم وكسب المزيد من المؤيدين، بينما يحتاج الديمقراطيون إلى تعديل استراتيجيتهم بسرعة لتجنب خسارة الزخم الانتخابى.
السباق الرئاسى لعام ٢٠٢٤ أصبح أكثر تعقيدًا وتوترًا، والأشهر المقبلة ستكون حاسمة فى تحديد مسار الانتخابات ونتائجها النهائية.