بقلم : عبد اللطيف المناوي
أعلنت إسرائيل عن بدء مرحلة جديدة فى حرب غزة، وصفها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، دانيال هاجارى، بأنها أقلّ كثافة على صعيد العمليات البرية. وهى ثالث مراحل الحرب على غزة، والتى سوف تعتمد على عمليات نوعية أو خاصة، كالتى رأيناها فى عملية تحرير بعض الرهائن منذ نحو أسبوعين.
فى الحقيقة إعلان إسرائيل هذا ليس له إلا معنيين، الأول هى عملية سياسية بحتة، أو بالأحرى مناورة، سابقة لزيارة وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، لإسرائيل، حيث تستهدف تهدئة واشنطن التى باتت تضغط بشدة على تل أبيب، لتغير من تكتيكها فى الحرب، بعد أن لطخت الدماء سمعتها، وسمعة من يساندها من دون حسبان بالتأكيد، وفى مقدمة الصف الولايات المتحدة.
ونعرف قيمة المناورة الآن، خصوصًا قبل الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر، فالرئيس الحالى، أو المرشح الحالى، جو بايدن لا يريد أى أزمات أخرى، تشكل ضغطًا عليه وعلى إدارته، فمسألة المساندة اللامحدودة لأوكرانيا وإسرائيل شكلت وسيلة ضغط كبيرة على الرجل، الذى يتردد فى أروقة البيت الأبيض أنه يفكر فى الانسحاب من الرئاسة، بعد المناظرة الأخيرة التى عقدها أمام المرشح الجمهورى دونالد ترامب.
المعنى الآخر وهى أنها بالفعل بدأت عسكريًا المرحلة الثالثة، والتى سحب خلالها الجيش الإسرائيلى كثيرًا من قواته من غزة، وعودة كثير من قوات الاحتياط إلى بيوتهم.
وبحسب المراقبين فى إسرائيل، فإن هذه المرحلة قد تمتد إلى شهور عديدة، وربما إلى آخر العام الجارى، وفيها سوف تسعى تل أبيب إلى تأسيس لمرحلة حكم غزة فى اليوم التالى. بالتأكيد لن ينسى نتنياهو الهدف الرئيسى من الحرب، وهو تحرير الرهائن، والقضاء على حماس، إلا أن اليوم التالى فى غزة بات يأخذ حيزًا كبيرًا من تفكير حكومته، ولهذا ربما تطول المرحلة الثالثة.
نتنياهو يريد إنشاء نظام أمنى جديد فى القطاع، حتى لا تتكرر هجمات السابع من أكتوبر من جديد، ربما يفكر فى منطقة عازلة، ربما يفكر فى إعادة تمركز، ربما يفكر فى السيطرة الكاملة، لا نعلم بالتحديد. ولكنه يفكر فى خلق هذا الواقع الجديد، حتى لا يتعرض لضغط شعبى جديد.
إسرائيل ستتحرك بالتأكيد إلى السياسة التى تحبها وتهواها دائمًا، وهى سياسة الاغتيالات، ربما ستكون تلك هى إحدى الخطوات فى المرحلة الثالثة، فضلًا عن التأكد تمامًا من تدمير الأنفاق بعدما دمرت البنية التحتية للقطاع بشكل كامل.
المرحلة الثالثة ربما تكون بداية للسطر الأخير فى الحرب على غزة، التى راح ضحيتها عشرات الآلاف، ولكنها المرحلة الأكثر حرجًا لقادة إسرائيل، ولقادة حماس أيضًا، بعدما صاروا بنسبة كبيرة الآن وجهًا لوجه أمام تلك العمليات النوعية.
أعرف أن المرحلة مجرد رقم، فهذه الحرب الخاسر فيها هو الشعب الفلسطينى، هو الذى دفع الثمن، وهو الذى يراقب عن بُعد منتظرًا إما نتيجة أو قذيفة. وبين هذا وذاك آخرون يخططون ويناورون ويناقشون ويحددون أبعاد الحرب ومراحلها!.
*نقلاً عن "المصري اليوم"