بقلم : عبد اللطيف المناوي
وفقًا لتصريحات صحفية لمصدر مسؤول، فإن مصر ستشارك فى اجتماع سيُعقد فى العاصمة الإيطالية، روما، لبحث مسألة وقف إطلاق النار فى غزة، وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع، بمشاركة الأطراف الرئيسية فى الأزمة، ووسطاء كذلك.
أتمنى أن يتحقق الهدف من الاجتماع بكل تأكيد، رغم المراوغة الإسرائيلية فى كل التفاهمات السابقة، وإصرار حركة حماس على نَيْل مكاسب من دون التنازل عن أى بند من بنود موقفها وأهدافها.
أتمنى أن ينقذ الاجتماع ما يمكن إنقاذه قبل أن ينفد الصبر المصرى من إصرار المفاوضين على وضع عراقيل أمام أى تفاهمات، ما يؤدى فى النهاية إلى إفشال المفاوضات، وهو ما اعتبرته القاهرة أكثر من مرة متعمدًا، ولاسيما من الجانب الإسرائيلى بهدف استمرار الحرب وتدمير القطاع بشكل كامل.
الحقيقة التى لا تحمل أى جدال أن مصر دخلت تلك المفاوضات بناء على موقفها التاريخى من القضية الفلسطينية، ورغبتها الأكيدة فى إيقاف نزيف دم أبناء الشعب الفلسطينى، كما أن الحقيقة التى لا تحمل جدالًا أيضًا هى أن مصر دخلت الوساطة بناء على مطالبات وإلحاح متكررين من إسرائيل والولايات المتحدة للقيام بهذا الدور.
إلا أنه لوحظ خلال الفترات الأخيرة قيام أطراف بعينها بممارسة لعبة توالى توجيه الاتهامات إلى الوسطاء، واتهامهم بالانحياز لأحد الأطراف وإلقاء اللوم عليهم للتسويف والتهرب من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن صفقة وقف إطلاق النار، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين بقطاع غزة مقابل الأسرى الفلسطينيين، وذلك للحفاظ على مصالح سياسية شخصية لبعض هذه الأطراف!.
قناعتى الشخصية هى أنه من الصعب تمامًا، بل من المستحيلات، أن تنسحب مصر من دورها فى الوساطة لأنها المنفذ العربى الوحيد لغزة إلى العالم، لكن من غير المقبول أن تمارس تلك الأطراف ألعابها المستمرة لأنها تجاوزت كل الحدود.
إن مشاركة مصر حيوية فى المفاوضات لأنها تحد غزة عند معبر رفح، ما يجعلها جزءًا أساسيًّا من أى ترتيبات مستقبلية وعامل استقرار فى المنطقة، فطالما مارست مصر دور الوسيط الرئيسى فى الصراع الإسرائيلى- الفلسطينى، حيث قادت جهود تحقيق السلام وإدارة الهدنات بين الأطراف المتنازعة خلال العديد من الأحداث السابقة، لكنها مجرد هدنة تلو هدنة، وهى حتى التى لم تتحقق فى الأزمة الأخيرة!.
لا تزال مصر تمتلك عدة أدوات تمكنها من الضغط على الأطراف المتنازعة، ولا تزال مصر صاحبة الدور المحورى والمركزى فى قضايا المنطقة بشكل عام، إذ يمكن لمصر أن تحاول تحقيق تقدم تدريجى فى المفاوضات، ما يؤدى فى نهاية المطاف إلى تهدئة طويلة الأمد أو حتى اتفاق دائم، لكن للصبر حدود.