بقلم : عبد اللطيف المناوي
هل أصابع اليد مثل بعضها؟.. المثل الشعبى يجيب بالنفى، وهذا أيضا ما لمسناه فى الموقف الأوروبى من المسألة الفلسطينية.خلال الأيام الماضية، انتشرت صور لنواب فرنسيين يرتدون ملابس بألوان العلم الفلسطينى فى الجمعية الوطنية الفرنسية، حيث نظم النواب اليساريون مقاعدهم لتشكيل العلم الفلسطينى، مرتدين ملابس بألوان خضراء وبيضاء وحمراء وسوداء. كما رفعت النائبة راشيل كيكى العلم الفلسطينى، تكرارًا لحركة قام بها زميلها سيباستيان ديلوجو الأسبوع الماضى.
وكيكى، نائبة من حزب «فرنسا الأبية» اليسارى، وقد تعرضت لتدخل أمنى لسحب العلم منها. أما ديلوجو، الذى رفع العلم سابقًا، تم إيقافه لمدة 15 يومًا مع تخفيض راتبه للنصف لمدة شهرين، وهى أقسى عقوبة ممكنة توقع على نائب.
العقوبات لم تقتصر على المادية، بل أيضا كانت هناك عقوبة أدبية، حيث وبختهم رئيسة الجمعية الوطنية، يائيل برون بيفيه، وهى من معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون، واعترضت على رفع العلم، مؤكدة أن النواب يعبرون عن أنفسهم وكأنهم فى مباراة كرة قدم أو خشبة مسرح.
يأتى هذا بعد اعتراف إسبانيا والنرويج وإيرلندا بدولة فلسطينية، وفى خضم النقاش فى البرلمان الفرنسى حول احتمال اتخاذ باريس خطوة مماثلة، باعتبار أن الرئيس ماكرون قال فى الماضى إن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس من المحظورات، لكنه يجب أن يحدث فى لحظة مفيدة!.
وحقيقة، لا أعرف أى لحظة مفيدة أكثر من التى نعيشها الآن لكى يعترف ماكرون ودولته بدولة فلسطينية مستقلة.
اليساريون الفرنسيون يشككون فى نوايا الحكومة الفرنسية تجاه الاعتراف بدولة فلسطينية، منتقدين الدعم الذى توليه باريس للجيش الإسرائيلى (ولو بشكل الصمت أو غض الطرف).
بعض اليساريين يحفزون دولتهم، لتكون أول دولة من مجموعة السبع تعترف بدولة فلسطين، ولكن هذا الموقف قوبل باعتراضات من الأحزاب اليمينية.
أصابع يد دولة فرنسا ليست مثل بعضها، فالأحزاب الرئيسية تختلف فى موقفها من الاعتراف بدولة فلسطينية، فحزب الخضر و«فرنسا الأبية» والحزب الاشتراكى يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطين، بينما حزب الرئيس ماكرون وهو «النهضة» يرى أن الوقت غير مناسب، أما الأحزاب اليمينية مثل «الجبهة الوطنية»، «الاستعادة»، والجمهوريين تعارض الاعتراف!.
المواقف هكذا، البعض يستقبلها بشكل، والبعض الآخر يستقبلها بشكل آخر، إلا أن ما يحدث فى فلسطين من مذابح يومية وتهجير لم يحدث ربما منذ أيام النكبة، يضع ضمير الإنسانية كله فى مأزق. فهذا الموقف لا يتوافق مع المثل الشعبى.
قد نختلف فى الأسباب والمسببات، لكن لا أحد يختلف فى أن ما تفعله إسرائيل فى غزة هو مجازر غير إنسانية.