بقلم - عبد اللطيف المناوي
الموقف المصرى الذى أظهرته مصر فى القمة العربية، التى انعقدت فى البحرين منذ أيام، يشير إلى أهمية مصر فى المنطقة، كذلك هى الدولة المحورية التى لا بد أن تكون حاضرة فى أى تسوية لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى.
الرئيس السيسى فى كلمته كان واضحًا، وعبر بشكل كبير عن الموقف المصرى الذى لا يحيد عن ثوابته أبدًا، خصوصًا فى مسألة رفض تصفية القضية الفلسطينية ورفض تهجير الفلسطينيين أو نزوحهم قسريًا أو خلق ظروف تجعل الحياة فى قطاع غزة مستحيلة بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها.
ورغم أن التوقعات من القمم العربية بشكل عام غير جيدة، فإن القمة 33 التى انعقدت فى المنامة ربما كانت مناسبة لتأكيد الثوابت فى الموقف المصرى، والذى له صدى واسع فى العالم، وإسرائيل على وجه الخصوص، التى عبرت عبر أكثر من مسؤول رفيع عن ضيقها وانزعاجها من الموقف المصرى، الذى يؤكد كل يوم على رسوخه فى مساندة الفلسطينيين، ورفض التهجير القسرى لسكان قطاع غزة، وهى الخطة التى تريدها إسرائيل، ليس فقط بعد حرب السابع من أكتوبر، ولكنها خطة قديمة يتجدد الحديث عنها كل فترة.
لقد أكد الرئيس أيضًا أن قدرة الحلول الأمنية والعسكرية على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن هى وهم كبير «ومخطئ من يظن أن سياسة حافة الهاوية يمكن أن تُجدى نفعًا أو تحقق مكاسب»، وأن مصير المنطقة ومقدرات شعوبها أهم وأكبر من أن يمسك بها دعاة الحروب والمعارك الصفرية.
تلك الرسالة التى أراد الرئيس إيصالها لقادة إسرائيل لا شك أنها وصلت تمامًا، ربما وصلت منذ فترة، وتحديدًا من بداية الحرب، حيث كان الموقف المصرى دائمًا يرفض العنف المفرط الذى تلجأ له الآلة العسكرية الإسرائيلية، والذى يستهدف مآرب أخرى، وربما استمر كذلك فى كلمات بعض المسؤولين الذين تحدثوا إلى وسائل إعلام عالمية بإمكانية تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وتل أبيب إذا استمر قادتهم فى الطريق الذى يسلكونه.
رسالة مهمة أيضًا أرادت مصر أن تصل إلى إسرائيل بخصوص الدور المصرى فى السلام، فمثلما تستطيع مصر أن تتخذ موقفًا قويًا تجاه إسرائيل، هى أيضًا الدولة التى تفتح الباب دائمًا للسلام، وقد قال الرئيس إن مصر تحملت فى سبيل إقرار السلام فى المنطقة أثمانًا غالية وأعباءً ثقيلة. خلال القمة ناشدت مصر المجتمع الدولى، وجميع الأطراف الفاعلة والمعنية، التدخل لإقرار العدالة، وإقرار السلم والأمن والاستقرار، وهى رسالة إنسانية طالما أكد عليها الرئيس، وطالما أكدت عليها مصر فى كل المحافل الدولية، وهى رسالة موجهة للضمير العالمى، وموجهة أكثر للشعوب التى تتحرك دائمًا بغض النظر عن أى حسابات، تجاه القضايا العادلة، ومنها قضية غزة التى ستظل حقوقها سيفًا مُسَلّطًا على ضمير الإنسانية.