بقلم - عبد اللطيف المناوي
فى 1976 صنع الفنان محمد صبحى نموذج شخصية «على بيه مظهر» فى مسلسل «فرصة العمر»، وهى شخصية تحلم بالثراء السريع، وتسعى لكسب الملايين بالدهاء والحيلة. وأظن أن تلك الشخصية قُدمت لأكثر من مرة فى السينما والتلفزيون، وأظن كذلك أنها قُدمت قبل «فرصة العمر» فى كثير من دول العالم، لأنها شخصية موجودة ربما منذ فجر التاريخ.
والرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب هو أكثر نموذج يستطيع أن يجنى الملايين من أى شىء. ربما لم يستطع «على بيه مظهر» أن يحقق ذلك، لكن ترامب يستطيع.
ترامب جمع نحو مليون دولار يوميًّا من تبرعات سياسية بعد تفتيش منزله فى «بالم بيتش» بولاية «فلوريدا» بحثًا عن مواد سرية، من يستطيع فعل ذلك غير ترامب؟، من يستطيع أن يجمع الملايين من مطاردة الشرطة غير ترامب؟.
الرئيس الأمريكى السابق فعلها عبر إرساله أكثر من 100 رسالة بريد إلكترونى، لأنصاره، يطلب فيها التبرع بالأموال، وقد ذكر فى الرسائل أن عملية التفتيش هى انتهاك غير مسبوق لحقوق كل مواطن أمريكى وتهديد للديمقراطية، واستخدم عبارات مثل «اقتحموا منزلى» و«إنهم يطاردونكم»!.
الغريب أن ترامب الذى شهدت فترته انتهاكات عديدة للديمقراطية قال هذا فى رسائله، والأغرب أن أنصاره تبرعوا فورًا بعد هذه الرسائل، حيث أكد مصدران مطلعان على التبرعات لصحيفة «واشنطن بوست» أن المساهمات المقدمة للجنة العمل السياسى التابعة لترامب تجاوزت مليون دولار فى يومين على الأقل بعد تفتيش العقار الذى يملكه.
وظلت التبرعات تسجل زيادة لعدة أيام أخرى وما زالت أعلى من المتوسط، وللعلم فإن لجنة العمل السياسى جمعت نحو 50 مليون دولار فى فترة ستة أشهر للمرة الأولى منذ ترك ترامب منصبه، بحسب بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية، وربما تكون هذه الأعمال هى التى تدفع ترامب فى أن يفكر فى إعلان خوضه انتخابات الرئاسة فى 2024 أمام بايدن.
لا أعرف مصير أموال التبرعات إذا ما قرر ترامب أن يتراجع، مثلًا، عن إعلان ترشحه، وكذلك لا أعرف مصيرها حتى إذا أعلن ترشحه، هل يستخدمها وفقًا لقواعد وقوانين الانتخابات هناك أم لا؟!.. ولكن فكرة أن يستطيع شخص متهم بدفع أنصاره إلى اقتحام الكابيتول- وغيرها من الأفعال غير المسؤولة-، أن يجمع تبرعات بسبب اقتحام الشرطة غريبة للغاية.
الفن هو صنعة الخيال، ولكن فى واقعنا المعيش حاليًّا نرى أشياء أغرب من الخيال، ربما يأتى فى زمن آتٍ مبدعٌ يستلهم من حكاية ترامب مع أموال التبرعات فكرة لعمل أو رواية أو فيلم.