بقلم : عبد اللطيف المناوي
قبل إجراء الانتخابات الأمريكية، خرج إيلون ماسك، مالك إكس (تويتر سابقًا) وشركة (تسلا) للسيارات، وتساءل مازحًا: «لو فاز الديمقراطيون، هل سيسمحون لعائلتى أن تزورنى فى السجن؟». قال ذلك لأنه كان من أشد مؤيدى ترامب ضد هاريس. كثيرون وصفوه بالمقامر، لأنه يعتبر أحد أبرز رواد الأعمال فى القرن الواحد والعشرين، ومسألة توجهه السياسى ثارت فى الفترة الأخيرة موضع اهتمام عالمى.
ولكن لماذا انحاز ماسك لترامب؟ هل كان يؤمن بأنه سيفوز، أم أنها كانت مقامرة محسوبة؟
هناك عدة عوامل فسرت قراره، حيث يعارض ماسك التدخلات الحكومية المفرطة فى الاقتصاد، خاصة فى القطاعات التى تعتمد عليها أعماله مثل صناعة السيارات والطاقة والفضاء.
فعلى سبيل المثال، أثرت التحديات التنظيمية الحكومية سابقًا على عمليات شركة (تسلا)؛ من حيث معايير السلامة والقوانين البيئية، وبذلك فإن دعمه لترامب الذى يؤيد تقليل تلك القيود الحكومية قد يكون متماشيًا مع مصالحه التجارية.
أدت ملكية ماسك لمنصة (إكس) إلى وضعه فى قلب الجدل حول حرية التعبير وإدارة المحتوى، وبانحيازه لترامب- وهو شخص فى الأساس يدعو لتقليل الرقابة على منصات التواصل الاجتماعى فى الأساس- فإن هذا يوضح هذا الانحياز.
ماسك قامر بالقاعدة المتينة من المؤيدين المعجبين بروحه الريادية وأهدافه الطموحة وآرائه المثيرة للجدل فى القضايا الاجتماعية، ولكنه فاز بالرهان بعد نجاح ترامب، وبالتالى فإنه ولا شك سوف يعزز علاقته بهذه القاعدة التى تضم متحمسين ومستهلكين لعلاماته التجارية.
نعم.. خاطر ماسك بفقدان عملاء ومستثمرين يختلفون معه سياسيًا، إذ كان من الممكن أن يفقد مستثمرين وأصحاب مصالح بسبب موقفه السياسى الذى قد يؤثر على أداء شركاته فى السوق، وبالتالى انخفاض قيمة أسهم شركاته أو ظهور دعوات لمقاطعتها، ولكنه فاز بالمقامرة.
ماسك دعم ترامب، وترامب أعلن فوزه بالانتخابات وفقا للأرقام، وهنا قد يتمتع ماسك بسياسات ملائمة، خاصة فيما يتعلق بالضرائب، وتخفيف اللوائح، وتقليل التدخل البيئى الذى يؤثر على (تسلا)، وقد يسهل هذا من دورة الابتكار ويعزز نمو شركاته. بالنسبة لـ SpaceX، قد يعنى ذلك استمرارًا للعقود الحكومية أو حتى توسعًا فيها، مما يدعم المشاريع الكبيرة للشركة. أما منصة X، فقد يجد ماسك سهولة أكبر فى الحفاظ على نهجه فى «حرية التعبير» بدون رقابة مشددة.
إن قرار إيلون ماسك باتخاذ موقف فى الانتخابات الأمريكية هو خطوة جريئة، ولكن يبدو أنها كانت محسوبة، وتتماشى مع فلسفاته التجارية، لكنه يحمل أيضًا مخاطر بعيدة المدى قد تؤثر على قاعدة عملائه والمستثمرين وحتى الجهات الحكومية.
ويعكس اختياره حسابات استراتيجية، حيث دعم السياسات التى اعتقد أنها ستوفر بيئة مواتية لازدهار شركاته، ولكن فى ظل الاستقطاب الشديد الحالى، قد تكون تداعيات هذا الانحياز طويلة الأمد وقد تتطلب منه إدارة دقيقة للتوازن بين صورته العامة ومصالحه التجارية، حتى مع وجود ترامب فى منصب الرئيس.