بقلم : عبد اللطيف المناوي
هل أمريكا لا تريد الضغط على إسرائيل لحثها على اتخاذ قرار إنهاء الحرب؟.
سؤال مهم سمعته بشكل عابر من شخص أظن أنه ليس على دراية كبيرة بالسياسة الدولية ولا العلاقات بين الدول، والحقيقة أن السؤال رغم بساطته، فإنه باعث بقوة على التفكير فيه، أو التفكير فى نفس السؤال، ولكن بصيغة أخرى، وهى:
هل فشلت أمريكا فى الضغط على إسرائيل؟.
فى الواقع هناك فارق كبير بين السؤالين. الأول يؤكد قدرة أمريكا على التأثير على حليفتها فى منطقة الشرق الأوسط، وبالتالى التدخل للضغط عليها من أجل اتخاذ قرار إنهاء الحرب. أما الثانى فيؤكد أن أمريكا فقدت قدرتها على التأثير، وهو أمر يعنى الكثير.
تعامل إدارة بايدن مع إسرائيل خلال الحرب الأخيرة مر بعدة مراحل، فى البداية كان الدعم المطلق، الذى دفع الرئيس الأمريكى مثلًا إلى زيارة إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر، وإعلان دعمه المطلق لها سياسيًّا وعسكريًّا.
المرحلة الثانية بدأت بعدما تحولت ضربات نتنياهو على غزة إلى ما يشبه حرب الإبادة. وهنا بدأت إدارة بايدن تحث رئيس الوزراء الإسرائيلى على ضبط النفس، وزعم مسؤولو إدارة بايدن أن الضغوط الأمريكية غيرت شكل عمليات إسرائيل العسكرية، فى إشارة محتملة إلى اعتقاد داخل الإدارة بأن غزو إسرائيل لرفح فى جنوب غزة كان أشد محدودية، ما كان ليكون عليه لولا تلك الضغوط، حتى مع تحول جزء كبير من المدينة الآن إلى أنقاض.
ثم وصل الأمر إلى تعليق بعض الأنشطة العسكرية بسبب استخدام القوة المفرطة، ثم جاءت مرحلة المفاوضات، وما بها من مرحلة «بايدن يُعنِّف نتنياهو» و«بايدن لا يتحدث إلى نتنياهو»، وصولًا إلى مرحلة خطيرة، وهى فقدان التأثير والضغط بشكل كامل، وهذا ما وصل إلينا.
الحقيقة أن أمريكا فى مرحلة محاولة الوصول إلى اتفاق تدعو إلى إنهاء الحرب، فى حين تزود إسرائيل بما لا يقل عن ٣.٨ مليار دولار من الأسلحة سنويًّا، بالإضافة إلى تلبية طلبات تكميلية من الأسلحة منذ السابع من أكتوبر.
يقول ضابط الاستخبارات السابق، هاريسون جيه مان، وكان رائدًا فى الجيش الأمريكى، عمل فى قسم الشرق الأوسط وإفريقيا فى وكالة استخبارات الدفاع فى وقت هجمات السابع من أكتوبر: «إن الإدارة الأمريكية أجرت الكثير من الاجتماعات. لكنها لم تبذل أى جهد معقول لتغيير سلوك إحدى الجهات الفاعلة الرئيسية»، وخص هنا بالذكر إسرائيل.
البعض الآخر يقول إن إسرائيل وأدت فكرة اجتياح رفح، وكذا ثبطت عزيمة القيادة الإسرائيلية عن غزو لبنان، فى وقت أبكر بكثير من الصراع فى غزة، إلا أنى أعتقد أن الإدارة الإسرائيلية تدرك تمامًا أن ساكن البيت الأبيض سيتغير فى أقل من ٣ أشهر، وهو ما يدفعها إلى مواصلة حربها، وعدم الاستماع إلى أحد.