بقلم : عبد اللطيف المناوي
النظرة الحانية للأمهات الفلسطينيات البائسات إلى أطفالهن، وهم فى انتظار الحصول على تطعيم شلل الأطفال، تعنى الكثير. ورغم الدماء التى لم تتوقف، والقتل الإسرائيلى اليومى فإن الأمل فى أن يكون لهؤلاء الأطفال مستقبل أفضل يظل حقًا لهؤلاء الأمهات. لا أعرف ماذا يدور فى ذهن كل أم وهى تحتضن ابنها لتنقذه من مستقبل قد يعانى فيه من مرض شلل الأطفال. قد تنجح فى ذلك بالفعل، لكنها تشعر بالعجز عندما تدرك أنها لا تستطيع حمايته من قذيفة أو رصاصة أو سقف ينهار فوق رأسه. ومع ذلك يبقى لديها أمل فى مستقبل قد يكون أفضل لطفلها.
لا تخفى الأمهات فرحتهن بوصول اللقاحات ضد شلل الأطفال، التى ستمكّن آلاف الأطفال من الحصول على مناعة ضد المرض الذى عاد إلى القطاع المحاصر والمدمَّر.
تجمّع مئات الأهالى مع أطفالهم أمام المراكز ينتظرون حصول الأطفال على التطعيم على أيدى أفراد طواقم طبية موزعين فى تلك المراكز. وكانوا قد تلقوا صباحًا رسائل نصية على هواتفهم تطلب منهم إحضار أطفالهم.
وبدأت، الأحد، رسميًا حملة تطعيم ضد شلل الأطفال فى قطاع غزة، وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن الحملة ستجرى على مراحل فى كل مناطق القطاع. وجاء الإعلان عن الحملة بعد أن سُجلت، الشهر الماضى، أول حالة شلل أطفال منذ ربع قرن فى قطاع غزة. وقد أصيب بها طفل يبلغ من العمر ١٠ أشهر. وقالت عائلته التى اضطرت للنزوح مرارًا بسبب الحرب، إنهم لم يتمكنوا قط من تطعيمه، حاله حال كثير من الأطفال فى القطاع.
سام روز، مدير عمليات الأونروا فى غزة أفاد بأن فرق الوكالة ستصل إلى آلاف الأطفال بلقاحات شلل الأطفال فى العيادات والنقاط الصحية ومن خيمة إلى خيمة فى جميع أنحاء القطاع. وأن الأونروا ستقوم بتطعيم ما يصل إلى نصف الأطفال، وسيشارك حوالى ١١٠٠ من موظفى الوكالة فى الحملة التى تقوم بها وزارة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع الأونروا ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف.
جاءت الحملة بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن إسرائيل وافقت على سلسلة «هدن إنسانية» تستمر كلّ منها ٣ أيام فى وسط القطاع وجنوبه وشماله لتنفيذ حملة تلقيح تشمل ٦٤٠ ألف طفل فى أنحاء غزة. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو شدّد على أن هذه الهدن الموقتة «ليست وقفًا لإطلاق النار».
بينما يفتح أحد الأطفال فمه ليقوم الطبيب بتنقيط قطرتين من الطُّعم فى فمه أملا فى الحماية من المرض، يأتى تصريح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس جيبريسوس بحكمة تغيب عن أجواء المنطقة قائلًا «فى نهاية المطاف، أفضل لقاح لهؤلاء الأطفال هو السلام».